(439) عن عائشة... قلت: هذا أخي من الرضاعة قال: «يا عائشة انظرن من اخوانكن، فانّما الرضاعة من المجاعة»(1).
قيل: أي جوع الرضيع الذي يسده اللبن، ولا يكون ذلك إلاّ في الصغر.
(440) وعنها ـ كما في صحيح مسلم(2) ـ: جاءت سهلة بنت سهيل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله انّى أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم (وهو حليفه).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارضعيه».
قالت: وكيف ارضعه وهو رجل كبير.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «قد علمت انه رجل كبير».
وفي حديث آخر: «ارضعيه تحرمي عليه...» فقالت: انّي قد ارضعته، فذهب الذي في نفس أبي حذيفة!!!
أقول قال النووي في شرحه: ويحتمل انّه عفى عن مسّه للحاجة، كما خصّه مع الكبر. ونقل عن القاضي قوله: لعلّها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها.
أقول: هذا الحديث عن عائشة كذبة وقحة وفرية مستهجنة على النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ولا ادري واضعها ـ عليه ما عليه ـ ونفس هذا الحديث في كتاب مسلم اقوى دليل على وجوب الاحتياط مع الاحاديث، وعدم الاغترار بما اشتهر ـ شهرة كاذبة ـ من صحّة أحاديث البخاري ومسلم وغيرهما، ولا بدّ من النظر عند أخذ الاحاديث في الاسناد والقواعد وسائر الاُمور، وكلّ من له فطرة سليمة يعرف انّ هذا الحديث ـ مع الغض عن سابقه بان الرضاعة من المجاعة ـ لعب بالدين فعله الكاذبون وروّجه البسطاء المحدّثون، ولعائشة حديث آخر نقله مسلم، واليك نصّه مختصراً:
(441) قالت اُمّ سلمة لعائشة: انّه يدخل عليك الغلام الايفع الذي ما احب أن يدخل عليَّ فقالت عائشة أما لك في رسول الله اسوة، ان امرأة أبي حذيفة... فقال رسول الله: «ارضعيه حتى يدخل عليك...»(3).
اقول: لا ادري ما تريد عائشة من هذا الحديث، إذ لم يكن لها لبن، ويمكن أن يقال انّه أمرت اختها بارضاعه فتكون خالة له. وحسن ظننا بها انّ الحديث لم يصدر عنها، بل هو مكذوب عليها.
____________
(1) صحيح البخاري رقم 2504، صحيح مسلم 10: 34.
(2) صحيح مسلم 10: 31 كتاب الرضاع.
(3) صحيح مسلم 10: 32 كتاب الرضاع.