• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المستويات المعرفية للقرآن الكريم

 المستويات المعرفية للقرآن الكريم 
 بقلم : السید جعفر الحسيني

 لا يخفى على أهل الإسلام والإيمان شرف القرآن وعلو شأنه وغزارة علمه وأنه العروة الوثقى والمستمسك الأقوى الذي خلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته بقوله : (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله – عز وجل – وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) والذي بتلاوته والتفكر بآياته حياة القلوب وبالعمل به يدرك الإنسان كل خير يرجى في الدنيا والآخرة غير أن معرفة معاني آيات القرآن الكريم غير متيسر لكل أحد إذ لا مجال لأعمال الرأي أو الذوق في معرفة معاني الآيات كما لا مجال لمعالجة آيات الكتاب العزيز بذهنية تجريدية منفصلة عن الأسس والقواعد التي يعتمد عليها في الكشف عن معاني الآيات.
وقد ورد في الخبر عن أبي عبد الله (عليه السلام): (ليس أبعد من عقول الرجال من القرآن).
وقد يستدرج الوهم بعض المسلمين إلى الاعتقاد بأنه قادر على فهم آيات الكتاب من دون حاجة إلى الرجوع إلى من له أهلية الكشف عن معاني آيات الكتاب أو اللجوء إلى التفاسير المعتبرة التي دونت فيها معاني آيات الكتاب.
وفي ضوء ذلك تظهر الحاجة إلى بيان المستويات المعرفية التي تتعامل مع الكتاب العزيز، وسأدرجها في ثلاث مستويات:
المستوى الأول: هو المستوى المعرفي للفرد العارف باللغة العربية كلسان من دون أن يكون متخصصاً في علوم القرآن، فإن هذا الفرد إذا قرأ آيات الكتاب فسوف يتبادر إلى ذهنه قهراً معاني الكلمات التي قرأها، إلا أن جميع ما فهمه يظل في خانة التشكيك التي يعبر عنها بخانة الفهم الأولي السطحي، بحيث لا يكون لفهمه أبعاد الحكم النهائي بمقصود الخطاب أو النص.
وعندها لا يخلو ذهنه من تساؤلات تنفتح عليه من تلك القراءة، فيجب عليه حينئذ الرؤية والتأمل والاجتهاد في تحصيل أجوبة هذه التساؤلات بالرجوع إلى أهل التخصص أو بمراجعة التفاسير المعتبرة المدونة على أساس علمي.
فهذه المرحلة ليست إلا مرحلة تحريك المعارف والانتقال بالفرد من مستوى داني من المعرفة إلى مستوى أعلى، ولذا نجد أن كل قارئ للقرآن يعتمد على مخزونه المعرفي لصياغة تساؤلات تطلب الإجابة عنها، فإذا وصل إلى ضالته ينتقل إلى مرحلة أخرى وهكذا.
فمن كان يعتمد في معرفته بآيات الكتاب العزيز على معرفته باللغة العربية كلسان ليس له الجزم والخروج بنتائج نهائية لمجرد كونه عارف باللغة العربية.
وقد تتفق له بعض النتائج التي يفهمهما بمجرد قراءة الآية القرآنية وتكون هذه النتائج موافقة لقول علماء التفسير إلا أن الحالات الاتفاقية لا تكشف عن كونه متمكناً من معرفة المقصود من الآيات القرآنية كنتيجة نهائية.
وقد ورد في الخبر عن أبي جعفر (عليه السلام): (... ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت...).
المستوى الثاني: هو المستوى المعرفي للفرد الذي صرف مدة من عمره في تحصيل العلوم المختلفة الدخيلة في معرفة المراد من آيات الكتاب العزيز بحيث أصبح من أهل التخصص فعلاً ومن الذين يعتمد عليهم وعلى مدوناتهم، وهذا الفرد الذي بلغ هذه الدرجة العلمية التي تؤهله للربط بين الخصوصيات الكامنة في آيات الكتاب العزيز وبين الأسس والقواعد العلمية التي نقحها وأقام الدليل على صحتها والتي تبين المقصود من النصوص القرآنية سواء كانت هذه النصوص القرآنية تحكي وصفاً تاريخياً أو حكما شرعياً أو أمراً اعتقادياً قد تظهر من قلمه رشحات تكشف عن رسوخه في هذا المضمار ومعرفته بما ورد عن النبي وآله الأطهار.
المستوى الثالث: هو المستوى المعرفي للفرد الذي (لا ينطق عن الهوى) والذي (علمه شديد القوى) صلى الله عليه وآله، أو من يقوم مقامه من خلفائه الاثني عشر (عليهم السلام) كالإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وتضلع علي (عليه السلام) بالقرآن وعلومه مما سارت به الركبان فقد حاز (عليه السلام) قصب السبق في هذا الميدان، ولقد أجمعت الأمة على أنه أعلم من كان بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعبد الرحمن بن سمرة: (يا ابن سمرة إذا اختلفت الأهواء وتفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه إمام أمتي وخليفتي عليهم من بعدي وهو الفاروق الذي يتميز به بين الحق والباطل، من سأله أجابه، ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحق عنده وجده، ومن التمس الهدى لديه صادفه، ومن لجأ إليه أمنه، ومن استمسك به أنجاه، ومن اقتدى به هداه...).
ومن هنا يظهر للقارئ أن القرآن وأن نزل لكافة البشر، إلا أن هذا الكلام لا ينتج أن لكل أحد الحق في الإدلاء بدلوه في مقام بيان المقصود من آيات الكتاب العزيز، بل المقصود أن لجميع البشر إمكانية الاستفادة من القرآن كل فرد بحسب مستواه المعرفي، أما الرسول وآله الأطهار (عليهم السلام) فلا مجال للقول بأنهم يستفيدون منه كما يستفيد غيرهم، وإذا أردنا أن نقول ذلك فمقصودنا أنهم يستفيدون منه في مقام إثبات الحجة على الناس، لأنهم هم القرآن الناطق، وعنهم وردت الآثار المبيّنة لعظم منزلته ولزوم العمل به، وعنهم تضافرت الأخبار لخفي أسراره ولطيف معانيه، وقد ورد عن ابن عباس أنه قال: علم النبي (صلى الله عليه وآله) من علم الله (سبحانه وتعالى)، وعلم علي من علم النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلمي من علم علي، وما علمي وعلم الصحابة في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر، كما أن القرآن بين فضلهم ومقاماتهم العالية وأشاد بعظيم منزلتهم، ومن أراد الإطلاع على مضمون ذلك فليراجع الكتب المدونة باسم (ما نزل من القرآن في علي).
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page