الحمد لله محيي الحقّ وناصره، ومميت الباطل وقاهره، وصلّى الله وسلَّم على سيّـد أنبيائه ورسله، محمّـدٍ الهادي إلى أقوم محاجّه وسُبُله، وعلى آله المطهَّرين من الاَدناس، المنزَّهين عن الاَقذار والاَرجاس، ولعنة الله على أعدائهم الغاشمين الغُواة، الضالّين المضلّين الفجرة العُتاة.
أمّـا بعـد:
فإنّ طُغاماً من القوم المخالفين، ولئاماً من حُثالات المعاصرين والسالفين، قد تجرّأوا على تصويب فعل يزيد، في قتله أبا عبد الله الحسين السبط الشهيد عليه السلام، فلا يرون جواز نسبة ذلك الفاجر إلى فسقٍ أو كبيرةٍ، بل ينزِّهونه عن كلّ جرمٍ وجريرةٍ، وهم مع ذلك يتولّونه ويحظرون التكلّم في عظائمـه، ويوجبون الاِمساك عن لعنـه والخوضِ في تفاصيل جرائمـه، مع ما تواتر عنه من هتك حُرُمات الشريعة المطهَّرة، حتّى كاد يلحق بالضروريّات.
ويعتلّون لذلك بنحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسبّوا الاَموات، فإنّهم قد أفضوا إلى ما قدّموا»(1).
ويقولون ـ مُضلِّلين ـ: ما يجديكم التكلّم في لعن يزيد وطَرْق هذا الباب، وقد أفضى إلى ما قدّم وهلك منذ قرون وأحقاب؟!
فيقال لهؤلاء المخذولين: إنّ الحديث محلّـه في غير كافرٍ ومتظاهـرٍ بفسقٍ أو بدعةٍ، فلا يحرم سبّ هؤلاء ولا ذكرهم بشرٍّ؛ بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم ـ كما قال المُناوي الشافعي(2).
وجرو معاوية لم ينفكّ عن واحدة من هذه الخصال.. (فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال)(3).. ولله درّ من قال:
ألعن اللعن إنْ لعنت يزيدا * * انما اللعنُ عينُ ذاك اللعين
وهذه رسالة ضمّنتها الاَدلّة القاطعة، والبراهين النيّرة الساطعة، الدالّة على جواز لعن يزيد بن معاوية، أسكنهما الله في قعر الهاوية، والردّ على من منع ذلك من جهلة المفتين، لينقطع منهم الدابر والوتين، إنّه سبحانه خير ناصرٍ ومعينٍ.
وينبغي قبل الخوض في المقصود بيان أُمورٍ:
____________
(1) أخرجه عن عائشة أحمد في مسنـده 6|180، والبخاري في صحيحـه 2|214 ح 148، والنسائي في سننه 4|53.
(2) فيض القدير 6|329.
(3) سورة يونس 10: 32.
المقدمة
- الزيارات: 815