قال الغزّاليّ في (الاِحياء)(1): الصفات المقتضية للّعن ثلاثة: الكفر والبدعة والفسق.
وقال الشيخ الاِمام المحقّق الكركي رحمه الله تعالى في (النفحات)(2): لا ريب أنّ اللعن من الله تعالى هو الطرد والاِبعاد من الرحمة، وإنزال العقوبة بالمكلَّف، وكلّ فعلٍ أو قولٍ اقتضى نزول العقوبة بالمكلَّف من فسقٍ أو كفرٍ فهو مقتضٍ لجواز اللعن، ويدلّ عليه قوله تعالى في القاتل: (وغضب الله عليه ولعنه)(3)، وقوله تعالى: (والخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)(4) رتّب اللعن على الكذب، وهو إنّما يقتضي الفسق، وكذا قوله تعالى: (والخامسة أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين)(5) رتّب الغضب على صدقه في كونها زنت، والزنا ليس بكفر.
وقوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين)(6) أي على كلّ ظالم، لاَنّ الجمع المعرَّف للعموم، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى: (فمنهم ظالم لنفسه)(7) حيث جعله سبحانه قسيماً للمقتصد وقسيماً للسابق بالخيرات.
قال رحمه الله: ولا ريب أنّ الكبائر مجوّزةٌ للّعن، لاَنّ الكبيرة مقتضيةٌ لاستحقاق الذمّ والعقاب في الدنيا والآخرة، وهو معنى اللعن.
وأمّا الصغائر فإنّها تقع مكفَّرةً لقوله تعالى: (الّذين يجتنبون كبائر الاِثمِ والفواحشَ إلاّ اللَمَم)(8) فقد فُسّر بصغائر الذنوب، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها، ولا تردّ شهادته، ولا تسقط عدالته.
نعم، لو أصرّ عليها أُلحقت بالكبائر، وصار اللعن بها سائغاً. انتهى كلامه رحمه الله.
____________
(1) إحياء علوم الدين 3|106.
(2) نفحات اللاهوت: 44 ـ 45.
(3) سورة النساء 4: 93.
(4) سورة النور 24: 7.
(5) سورة النور 24: 9.
(6) سورة هود 11: 18.
(7) سورة فاطر 35: 32.
(8) سورة النجم 53: 32.
الثالث: الصفات المقتضية للّعن
- الزيارات: 831