طباعة

( يونس مطر سلمان . البحرين . 17 سنة . طالب ثانوية ) لا يمكن أن يكون من المصطفين :

السؤال: قال الله تعالى في كتابه العزيز : { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ... } ، ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) : " ولدني أبو بكر مرّتين ... " وهذا حديث صحيح ، والكلّ يعرف أنّ هذه الآية نزلت في حقّ أهل البيت والأئمّة من ذرّيتهم .
ولو رجعنا للإمام جعفر الصادق نرى أنّ أُمّه تنتسب إلى أبي بكر ، معنى ذلك أنّ أبا بكر ذرّية بعضها من بعض، ونور على نور، ما هو تفسيركم لهذا ؟! أرجو الردّ مشكورين ، ودمتم موفّقين في رعاية الله .
الجواب : قال الله تعالى : { إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } (1) .
إنّ الكلام في هذه الآية على من اصطفاه الله من الرسل والأنبياء والأوصياء على بقية الخلق { الْعَالَمِينَ } ، وأنّ من اصطفاهم { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } ، فلا يزال في الناس من آل إبراهيم مصطفى مادام هناك من يحتاج إلى إمام وحجّة على الأرض ، وقلنا : إنّ هذا المصطفى من آل إبراهيم لقوله تعالى : { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } ، وقد ثبت في موضعه بما لا يقبل الشكّ أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلي وأولاده المعصومين (عليهم السلام) هم المصطفون من آل إبراهيم .
فبعد إبراهيم أصطفى إسماعيل وهكذا ، حتّى وصلت إلى هاشم وعبد المطّلب ، ثمّ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) ، ثمّ الحسن والحسين ، ثمّ بقية الأئمّة (عليهم السلام) ، فكلّهم { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } .
ثمّ ليس كلّ ذرّية الأنبياء مصطفون ، وإنّما يصطفي الله من اختاره منهم خاصّة .
ولا يمكن أن يكون أبو بكر من المصطفين ، فإنّه وأباه كانا مشركين ، ولأنّه سيكون من بطن دون بطنهم جميعاً ، فلا تصدق فيه { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } إذ لا يصدق بين أبي بكر والنبيّ (صلى الله عليه وآله) مثلاً ذرّية بعضها من بعض ، ولاحظ قوله :{ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } أي بعض الذرّية وهي المصطفاة من بعض الآباء وهم من اصطفي من الأنبياء والرسل والأوصياء السابقين .
فإنّ الوصاية والعلم وميراث النبوّة كان ينتقل في بيوت الأنبياء ، من بيت إلى بيت في ذرّيتهم ، ليس كلّ ذرّيتهم ، وإنّما البيوت المصطفاة ، قال الله تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ ... } (2) ، وهي بيوت الأنبياء والرسل والأوصياء .
فإبراهيم (عليه السلام) هو أصل الشجرة الواردة في القرآن ، وقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّها هو وأهل بيته { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء } (3) .
وإلاّ إذا ادعى مدّع أنّ { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } تشمل كلّ ذرّية الأنبياء ، فالبشر كلّهم ولد آدم ، وهو من المصطفين ، فهل البشر كلّهم مصطفون ؟ وأيّ اختصاص إذاً لآل إبراهيم وآل عمران ؟!
ثمّ هل تقول : أنّ أُمّهات الإمام الصادق (عليه السلام) كن من الرسل أو الأنبياء أو الأوصياء ؟!
ثمّ إنّ التوالد في الذرّية بلحاظ انتقال النطفة من الأصلاب والأرحام ، وهو لا يشمل نسب الأُمّ ، لأنّ قبل الرحم كان في صلب الأب ورحم أُمّ الأب ، وقبله في صلب أب الأب وهكذا ، بنحو دوري لا بنحو مستقيم ممتد في جانب الأُمّهات .


___________
1- آل عمران : 33 ــ 34 .
2- النور : 36 .
3- النور : 35 .