• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( علي . لبنان . 25 سنة . إجازة في الحقوق ) روايات صلاته متضاربة ومختلفة

السؤال: هل هناك دليل واضح على تنحية الرسول (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر عن صلاة الجماعة المزعومة من كتب أهل السنّة ؟ وفي حال وجد ما هو الحديث ؟ وشكراً .
الجواب : يمكن أن يقال في ردِّ من يحاول الاستدلال بصلاة أبي بكر بالناس إن ثبت في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وفي مسجده للخلافة :
أوّلاً ليست إمامة الجماعة لدى أبناء العامّة منصباً خطيراً ومهمّاً ، أو قيادة شعبية أو دينية في عرف الإسلام ، ولذلك روي في كتبهم القول : صلّوا خلف كلّ برّ وفاجر ، ولو صحّ أنّ أبا بكر أمّ الناس ، فلم يكن ذلك كاشفاً حسب الموازين التي يعترفون بها لإمامة الجماعة أنّ الرجل ذو أهلية ، ويحمل مزية يصلح بها للزعامّة الدينية والسياسية ، بل جملة منهم لا يشترطون البلوغ في إمام الجماعة .
ثانياً إنّ سحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر من الله آيات من سورة البراءة ، التي كان أبو بكر مكلّفاً منه(صلى الله عليه وآله) بقراءتها على الناس في موسم الحجّ الأكبر شاهد على أنّ الرجل لا يصلح لأية قيادة وأية زعامة ، وكذلك فشله في فتح قلعة خيبر .
ثالثاً إنّ الروايات التي رويت من طرق أبناء العامّة في هذا الشأن مختلفة ، بحيث لا يمكن القول بأنّها تحكي عن معنى واحد ، فإليك بعض منها :
" روى الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن مطلب بن أسد قال : لمّا استعز برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده في نفر من المسلمين ، قال : دعا بلال للصلاة فقال : " مروا من يصلّي بالناس " ، قال : فخرجت فإذا عمر في الناس ، وكان أبو بكر غائباً ، فقلت : قم يا عمر فصلّي بالناس ! قال : فقام، فلمّا كبّر عمر سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) صوته ، وكان عمر رجلاً مجهراً ، فقال رسول الله : " فأين أبو بكر ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون ، يأبى الله ذلك والمسلمون " ، قال : فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلّى عمر تلك الصلاة ، فصلّى بالناس ... " (1) .
هكذا روى ابن زمعة من طريق آخر : " فلمّا سمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) صوت عمر ،خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى اطلع رأسه من وراء حجرته ، ثمّ قال : " لا لا ليصل بالناس ابن أبي قحافة " ، يقول ذلك مغضباً " (2) .
ورويت قصّة الصلاة بنحو آخر عن عائشة : " قال الأسود : كنّا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها .
قالت : لمّا مرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) مرضه الذي مات فيه ، فحضرت الصلاة ، فقال : " مروا أبا بكر فليصلِ بالناس " ، فقيل له : أنّا أبا بكر رجل أسيف ، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلّي بالناس ، وأعاد فأعادوا له ، فأعاد الثالثة ، فقال : " إنّكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصلِ بالناس " ، فخرج أبو بكر فصلّى ، فوجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) في نفسه خفّة ، فخرج يهادى بين رجُلين ، كأنّي أنظر إلى رجليه يخطّان الأرض من الوجع ، فأراد أبو بكر أن يتأخّر ، فأومئ إليه النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن مكانك ، ثمّ أُوتي به حتّى جلس إلى جنبه .
فقيل للأعمش : وكان النبيّ (صلى الله عليه وآله) يصلّي وأبو بكر يصلّي بصلاته ، والناس يصلّون بصلاة أبي بكر ؟ فقال برأسه : نعم " (3) .
وقال ابن كثير : " وقد رواه البخاري في غير موضع من كتابه ، ومسلم والنسائي وابن ماجة ، من طرق متعدّدة عن الأعمش به .
منها : ما رواه البخاري عن قتيبة ، ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، ويحيى بن يحيى ، عن أبي معاوية به " (4) .
فينبغي أن تلتفت : إنّ هذا الخبر مع هذه التأكيدات في السند إنّما يثبت إمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، واقتداء أبو بكر به (صلى الله عليه وآله) .
ودعوى أنّ أبا بكر كان إمام الناس لا يعقل ، إذ يعني ذلك أنّ هناك إمامين في صلاة واحدة شخصية .
وقال ابن كثير : " وقال البخاري : ... عن عائشة أنّها قالت : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في مرضه : " مروا أبا بكر فليصلِ بالناس " ، قال ابن شهاب : فأخبرني عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أنّها قالت : لقد عاودت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك ، وما حملني على معاودته إلاّ أنّي خشيت أن يتشاءم الناس بأبي بكر ، وإلاّ أنّي علمت أنّه لن يقوم مقامه أحد إلاّ تشاءم الناس به ، فأحببت أن يعدل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أبي بكر إلى غيره " (5) .
ملاحظة : أترى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يريد أن يتشاءم به الناس ، وعائشة لا تريد ذلك ؟!
ورويت قصّة الصلاة بطريق آخر مختلف عمّا تقدّم ، مع فيما تقدّم من التباين والاختلاف .
عن عبيد الله بن عبد الله قال : دخلت على عائشة فقلت : ألا تحدّثيني عن مرض رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فقالت: بلى، ثقل برسول الله(صلى الله عليه وآله) وجعه فقال : " أصلى الناس " ؟
قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، فقال : " صبّوا إليّ ماءً في المخضب " ، ففعلنا ، قالت : فاغتسل ، ثمّ ذهب لينوء فأُغمي عليه ، ثمّ أفاق ، فقال : " أصلى الناس " ؟
قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : " ضعوا لي ماءً في المخضب " ، ففعلنا فأغتسل، ثمّ ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثمّ أفاق، فقال : " أصلى الناس "؟
قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : " ضعوا لي ماءً في المخضب " ، ففعلنا ، قالت : فاغتسل ، ثمّ ذهب لينوء فأُغمي عليه ، ثمّ أفاق ، فقال : " أصلى الناس " ؟
قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قالت : والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله لصلاة العشاء ، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر بأن يصلّي بالناس ، وكان أبو بكر رجلاً رقيقاً ، فقال : يا عمر صلّ بالناس ، فقال : أنت أحقّ بالناس ، فصلّى بهم تلك الأيّام .
ثمّ إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجد خفّة ، فخرج بين رجلين ، أحدهما العباس لصلاة الظهر ، فلمّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخّر ، فأومئ إليه أن لا يتأخّر ، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه ، وجعل أبو بكر يصلّي قائماً ورسول الله يصلّي قاعداً ... ، إلى أن قال ابن كثير : وفي رواية : فجعل أبو بكر يصلّي بصلاة رسول الله وهو قائم ، والناس يصلّون بصلاة أبي بكر ، ورسول الله قاعد ... (6) .
ورواية أُخرى ذكرها ابن كثير عن الأرقم بن شرحبيل عن ابن عباس قال : " لمّا مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس ، ثمّ وجد خفّة فخرج ، فلمّا أحسّ به أبو بكر أراد أن ينكص ، فأومأ إليه النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره ، واستفتح من الآية التي انتهى إليها أبو بكر .
ثمّ رواه أيضاً عن وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أرقم عن ابن عباس بأطول من هذا ، وقال وكيع مرّة : فكان أبو بكر يأتم بالنبيّ ، والناس يأتمون بأبي بكر " (7) .
ورواية أُخرى تعطي عكس ذلك .
وعن مسروق عن عائشة قالت : صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلف أبي بكر قاعداً في مرضه الذي مات فيه (8) .
وفي رواية أُخرى : " آخر صلاة صلاّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع القوم في ثوب واحد ملتحفاً به ، خلف أبي بكر " (9).
وهكذا روايات متعدّدة ، لن تجد روايتين منها تتّفق في المعنى ، فضلاً عن اللفظ ، وذلك دليل على اختلاق القصّة ، والذي روي عن طريق الخاصّة :
عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) يرويه عيسى الضرير : قال : فسألته وقلت : جعلت فداك ، قد أكثر الناس قولهم في أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر بالصلاة ، ثمّ أمر عمر ، فأطرق عنّي طويلاً ، ثمّ قال : " ليس كما ذكر الناس ، ولكنّك يا عيسى كثير البحث عن الأُمور ، لا ترضى إلاّ بكشفها ".
فقلت : بأبي أنت وأُمّي ، من أسأل عمّا انتفع به في ديني ، وتهتدي به نفسي مخافة أن أضلّ غيرك ، وهل أجد أحداً يكشف لي المشكلات مثلك ؟
فقال : " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لمّا ثقل في مرضه ، دعا علياً (عليه السلام) ، فوضع رأسه في حجره وأُغمي عليه ، وحضرت الصلاة فأذّن بها ، فخرجت عائشة فقالت : يا عمر أخرج فصلّ بالناس ، فقال لها : أبوك أولى بها منّي ، فقالت : صدقت ، ولكنّه رجل لين ، وأكره أن يواثبه القوم ، فصلّ أنت ، فقال لها : بل يصلّي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب ، أو تحرّك متحرّك ، مع أنّ رسول الله مغمى عليه لا أراه يفيق منها ، والرجل مشغول به ، لا يقدر أن يفارقه يعني علياً (عليه السلام) فبادروا بالصلاة قبل أن يفيق ، فإنّه إن أفاق خفت أن يأمر علياً بالصلاة ، وقد سمعت مناجاته منذ الليلة ، وفي آخر كلامه يقول لعلي (عليه السلام) : الصلاة ، الصلاة " .
قال : " فخرج أبو بكر يصلّي بالناس ، فظنّوا أنّه بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلم يكبّر حتّى أفاق (صلى الله عليه وآله)، وقال : ادعوا لي عمّي يعني العباس فدعي له فحمله وعلي (عليه السلام) حتّى أخرجاه وصلّى بالناس وإنّه لقاعد ، ثمّ حمل فوضع على المنبر بعد ذلك ، فاجتمع لذلك جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتّى برزت العواتق من خدورها ، فبين باك وصائح ، ومسترجع وواجم ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) يخطب ساعة ، ويسكت ساعة ، فكان فيما ذكر من خطبته أن قال : يا معشر المهاجرين والأنصار ، ومن حضر في يومي هذا ، وفي ساعتي هذه من الإنس والجنّ ليبلغ شاهدكم غائبكم ، ألا أنّي قد خلّفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان لما فرض الله تبارك وتعالى من شيء ، حجّة الله عليكم وحجّتي وحجّة ولي ، وخلّفت فيكم العلم الأكبر ، علم الدين ، ونور الهدى وضياءه ، وهو علي بن أبي طالب ، ألا هو حبل الله فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم ، فأصبحتم بنعمته إخواناً ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلّكم تهتدون .
أيّها الناس هذا علي من أحبّه وتولاّه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله ، ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أصم وأعمى ولا حجّة له عند الله ... " (10) .
فقد اتضح لك أيّها الأخ الكريم تضارب روايات القوم في هذه القصّة ، وأنّه دليل على أنّها مختلقة ، وقد قلنا : إنّه إن ثبت لم يكن في ذلك فضل لأبي بكر ، مادام حكم القوم في إمام الجماعة ما قد عرفت .


____________
1- مسند أحمد 4 / 322 .
2- كتاب السنّة : 540 .
3- صحيح البخاري 1 / 162 .
4- السيرة النبوية لابن كثير 4 / 461 .
5- نفس المصدر السابق .
6- المصدر السابق 4 / 254 .
7- نفس المصدر السابق .
8- مسند أحمد 6 / 159 .
9- البداية والنهاية 5 / 255 .
10- خصائص الأئمّة : 74 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page