طباعة

( أحمد . قطر . 36 سنة . طالب ثانوية ) ترجمة سعد بن عبادة

السؤال: نشكركم على جهودكم في إفادة الناس وبالأخصّ الشيعة ، وسؤالي هو : ما رأي الشيعة في سعد بن عبادة ؟
الجواب : ننقل لكم كلمات من ترجمته :
قال السيّد علي ابن معصوم : " سعد بن عبادة بن دلهم بن حارثة بن أبي حزينة ابن تغلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري ، كان سيّد الخزرج وكبيرهم ، يكنّى أبا ثابت وأبا قيس ، من أعاظم الصحابة ، وهو أحد النقباء ، شهد العقبة مع السبعين والمشاهد كلّها ما خلا بدرا فإنّه تهيّأ للخروج فلدغ فأقام وكان جواداً وكان له جفنة تدور مع رسول الله في بيوت أزواجه .
عن يحيى بن كثير قال : كان لرسول الله من سعد بن عبادة جفنة ثريد في كلّ يوم ، تدور معه أينما دار من نسائه ، وكان يكتب في الجاهلية بالعربية ، ويحسن القول والرمي ، والعرب تسمّي من اجتمعت فيه هذه الأشياء الكامل ، ولم يزل سعد سيّداً في الجاهلية والإسلام ، وأبوه وجدّه وجدّ جدّه لم يزل فيهم الشرف ، وكان سعد يجير فيجار وذلك لسؤدده ، ولم يزل هو وأصحابه أصحاب إطعام في الجاهلية والإسلام .
وعن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " الجود شيمة ذلك البيت " ، يعني بيتهم وهو الذي اجتمعت عليه الأنصار ليولّوه الخلافة .
وقد أختلف أصحابنا (رضي الله عنه) في شأنه ، فعدّه بعضهم من المقبولين ، واعتذر عن دعواه الخلافة بما روى عنه أنّه قال : لو بايعوا علياً لكنت أوّل من بايع .
وبما رواه محمّد بن جرير الطبري عن أبي علقمة ، قال : قلت لسعد بن عبادة ، وقد مال الناس لبيعة أبي بكر : تدخل فيما دخل فيه المسلمون .
قال : إليك عنّي فو الله لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " إذا أنا متّ تضلّ الأهواء ، ويرجع الناس على أعقابهم ، فالحقّ يومئذ مع علي " ، وكتاب الله بيده ، لا نبايع لأحد غيره ، فقلت له : هل سمع هذا الخبر غيرك من رسول الله ؟ فقال : سمعه ناس في قلوبهم أحقاد وضغائن .
قلت : بل نازعتك نفسك أن يكون هذا الأمر لك دون الناس كلّهم ، فحلف أنّه لم يهم بها ، ولم يردّها وأنّهم لو بايعوا علياً كان أوّل من بايع سعد .
وزعم بعضهم أنّ سعداً لم يدع الخلافة ، ولكن لما اجتمعت قريش على أبي بكر يبايعونه ، قالت لهم الأنصار : أمّا إذا خالفتم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وصيّه وخليفته وابن عمّه ، فلستم أولى منّا بهذا الأمر ، فبايعوا من شئتم ، ونحن معاشر الأنصار نبايع سعد بن عبادة ، فلمّا سمع سعد ذلك ، قال : لا والله لا أبيع ديني بدنياي ، ولا أبدل الكفر بالأيمان ، ولا أكون خصماً لله ورسوله ، ولم يقبل ما اجتمعت عليه الأنصار ، فلمّا سمعت الأنصار قول سعد سكتت ، وقوي أمر أبي بكر .
وقال آخرون : دعوى سعد الخلافة أمر كاد أن يبلغ أو بلغ حدّ التواتر ، وكتب السير ناطقة بأنّ الأنصار هم الذين سبقوا المهاجرين إلى دعوى الخلافة ، فلم يتمّ لهم الأمر ، وما زعمه بعضهم خلاف المشهور .
فقد روى أبو جعفر محمّد ابن جرير الطبري في التاريخ : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا قبض ، اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، وأخرجوا سعد بن عبادة ليولّوه الخلافة وكان مريضاً ، فخطبهم ودعاهم إلى إعطاء الرياسة والخلافة ، فأجابوه ثمّ ترادد الكلام ، فقالوا : فإن أبى المهاجرون وقالوا : نحن أولياؤه وعترته ؟
فقال قوم من الأنصار نقول : منّا أمير ومنكم أمير ، فقال سعد : فهذا أوّل الوهن ، وسمع عمر الخبر فأتى منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفيه أبو بكر ، فأرسل إليه أن أخرج إلي ، فأرسل أنّي مشغول ، فأرسل إليه عمر أخرج فقد حدث أمر لابدّ من أن تحضره ، فخرج فأعلمه الخبر ، فمضيا مسرعين نحوهم ، ومعهما أبو عبيدة فتكلّم أبو بكر ، فذكر قرب المهاجرين من رسول الله ، وإنّهم أولياؤه وعترته ، ثمّ قال : نحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا نفتات عنكم بمشورة ، ولا نقضي دونكم الأُمور ... .
فقال اسيد بن حضير رئيس الأوس لأصحابه : والله لئن لم تبايعوه ليكون للخزرج عليكم الفضيلة ، فقاموا فبايعوا أبا بكر ، فأنكر على سعد بن عبادة والخزرج ما اجتمعوا عليه ، وأقبل الناس يبايعون أبا بكر من كلّ جانب ، ثمّ حمل سعد بن عبادة إلى داره ، فبقى أيّاماً وأرسل إليه أبو بكر ليبايع ، فقال : لا والله حتّى أرميكم بما في كنانتي ، وأخضب سنان رمحي ، واضرب بسيفي ما أطاعني ، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن تبعني ، ولو اجتمع معكم الجنّ والأنس ما بايعتكم ، حتّى أعرض على ربّي .
فقال عمر : لا ندعه حتّى يبايع .
فقال بشير بن سعد : إنّه قد لجّ وليس بمبايع لكم حتّى يقتل ، وليس بمقتول حتّى يقتل معه أهل بيته ، وطائفة من عشيرته ، ولا يضركم تركه ، إنّما هو رجل واحد فاتركوه ، وجاءت أسلم فبايعت ، فقوى بهم جانب أبي بكر وبايعه الناس ... " (1) .
وقال السيّد علي البروجردي : " سعد بن عبادة ، في المجالس ما يظهر منه جلالته ، وأنّه ما كان يريد الخلافة لنفسه بل لعلي (عليه السلام) ، وقد ورد في السير مدحه وتبجيله ، إلاّ أنّه روي عن علي (عليه السلام) : " أوّل من جرّأ الناس علينا سعد ، فتح باباً ولجه غيره ، وأضرم ناراً لهبها عليه وضوءها لأعدائه " .
وفي كتاب المجالس : العجب أنّهم يجعلون ذنب سعد بوله قائماً ، ويذكر البخاري في صحيحه ذلك من السنن النبوية .
أقول : وقد نقل عن البلاذري في تاريخه : أنّ عمر بعث محمّد بن مسلمة الأنصاري ، وخالد بن الوليد من المدينة ليقتلاه ، فرمى إليه كلّ منهما سهماً فقتلاه .
وفي روضة الصفا أنّه بتحريك بعض الأعاظم .
فالنقل المذكور بأنّه قتلته طائفة من الجنّ من الأراجيف والأباطيل التي كانت عادتهم على ذكرها ... .
وعن محكي كتاب الاستيعاب : كان عقبياً نقيباً سيّداً جواداً مقدّماً وجيهاً ، له سيادة ورئاسة ، يعترف له قومه بها ، وتخلّف عن بيعة أبي بكر ، وخرج من المدينة ولم يرجع إليها ، إلى أن مات بحوران من أرض الشام " (2) .


____________
1- الدرجات الرفيعة : 325 .
2- طرائف المقال 2 / 86 .