السؤال: أرجو أن تسعفوني بإعطائي معلومات عن والدة محمّد بن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) المعروف بمحمّد بن الحنفية ، وهل هي من قوم مالك بن نويرة ؟
الجواب : ليست أُمّه من قوم مالك بن نويرة وسبيه ، بل في تزوّج الإمام (عليه السلام) منها عدّة روايات ، ليس فيها واحدة بأنّها من قوم مالك ، وإليك بعضها :
1-إنّها من سبي اليمامة في عهد أبي بكر .
قال الذهبي : " وأُمّه من سبي اليمامة زمن أبي بكر " (1) .
وقال المزّي : " واسمها خولة بنت جعفر ... بن حنيفة ، وكانت من سبي اليمامة الذين سباهم أبو بكر ... ، وقيل : كانت أُمّه لبني حنفية ، ولم تكن من أنفسهم " (2) .
وقال ابن سعد : " عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : رأيت أُمّ محمّد بن الحنفية سندية سوداء ، كانت أمة لبني حنيفة ، لم تكن منهم ، وإنّما صالحهم خالد على الرقيق ، ولم يصالحهم على أنفسهم " (3) .
ويشهد لهذه الرواية ما رواه ابن كثير عن غزوة اليمامة : " وخرج خالد وتبعه مجاعة بن مرارة يرسف في قيوده ، فجعل يريه القتلى ليعرفه بمسيلمة ... ثمّ بعث خالد الخيول حول اليمامة ، يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبيّ ، ثمّ عزم على غزو الحصون ، ولم يكن بقي فيها إلاّ النساء والصبيان والشيوخ الكبار ... فانتظر خالد الصلح ، ودعاهم خالد إلى الإسلام فأسلموا عن آخرهم ، ورجعوا إلى الحقّ ، وردَّ عليهم خالد بعض ما أخذ من السبيّ ، وساق الباقين إلى الصدّيق ، وقد تسرى علي بن أبي طالب (عليه السلام) بجارية منهم ، وهي أُمّ ابنه محمّد، الذي يقال له : محمّد بن الحنفية (رضي الله عنه) " (4) .
وقد روى البخاري عن أنس قال : " ويوم اليمامة على عهد أبي بكر يوم مسيلمة الكذّاب " (5) ، وأقرَّ ذلك ابن حجر في شرحه لهذه الرواية (6) .
وقال ابن حجر : " وهي خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة ، ويقال من مواليهم ، سبيت في الردّة من اليمامة " (7) .
فجميع هذه الروايات عند هؤلاء المحقّقين تؤكّد : بأنّ الحنفية من اليمامة ، من قوم مسيلمة الكذّاب ، وإنّما اختلفوا في كونها من بني حنيفة أنفسهم ، أو أنّها أمة لهم ليس إلاّ .
2-إنّها من سبي اليمن في ردّتهم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال البلاذري : " قال علي بن محمّد المدائني : بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً إلى اليمن ، فأصاب خولة في بني زبيد ، وقد ارتدّوا مع عمرو بن معدي كرب ، وصارت في سهمه ، وذلك في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إن ولدت منك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه كنيتي " ، فولدت له بعد موت فاطمة (عليها السلام) غلاماً فسمّاه محمّداً ، وكنّاه أبا القاسم " (8) .
3-إنّها تزوّجت أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن أعتقها .
قال البلاذري : " أغارت بنو أسد بن خزيمة على بني حنيفة ، فسبوا خولة بنت جعفر ، ثمّ قدموا بها المدينة في أوّل خلافة أبي بكر فباعوها من علي (عليه السلام) ، وبلغ الخبر قومها ، فقدموا المدينة على علي (عليه السلام) فعرفوها ، وأخبروه بموضعها منهم ، فأعتقها علي ومهرها وتزوّجها ، فولدت له محمّداً ابنه ... وهذا أثبت من خبر المدائني " (9) .
ويشهد لهذه الرواية ويقاربها ما رواه ابن حجر فقال : " خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية ، والدة محمّد بن علي بن أبي طالب ، رآها النبيّ (صلى الله عليه وآله) في منزله فضحك ، ثمّ قال : " يا علي أمّا إنّك تتزوّجها من بعدي ، وستلد لك غلاماً فسمّه باسمي ، وكنّه كنيتي وأنحله " .
رويناه في فوائد أبي الحسن أحمد بن عثمان الآدمي من طريق إبراهيم بن عمر ابن كيسان ، عن أبي جبير عن أبيه قنبر حاجب علي ، قال : رآني علي فذكره ، وسنده ضعيف ، وثبوت صحبتها مع ذلك يتوقّف على أنّها كانت حينئذٍ مسلمة " (10) .
والنتيجة : فإنّه على جميع الاحتمالات والروايات ، ليس هناك شكّ في أنّ الحنفية ليست من سبيّ قوم الصحابي الجليل مالك بن نويرة .
____________
1- سير أعلام النبلاء 4 / 110 .
2- تهذيب الكمال 26 / 148 .
3- الطبقات الكبرى 5 / 91 .
4- البداية والنهاية 6 / 358 .
5- صحيح البخاري 5 / 38 .
6- فتح الباري 7 / 288 .
7- تهذيب التهذيب 9 / 315 .
8- أنساب الأشراف : 200 .
9- المصدر السابق : 201 .
10- الإصابة 8 / 113 .
( ... ... ... ) خولة والدة محمّد بن الحنفية
- الزيارات: 7703