• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( معاذ التل . الأردن . سنّي . 32 سنة . طالب جامعة ) موقف عائشة ومروان عند دفنه

السؤال : تروي بعض كتب التاريخ : إنّه حينما أراد الإمام الحسين (عليه السلام) دفن الإمام الحسن (عليه السلام) بجنب رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عائشة ، فوافقت على ذلك ، ولكن مروان بن الحكم وجماعته هم الذين منعوه بالقوّة .
في حين قرأت لأحدهم على الإنترنت : إنّ عائشة أتت للقبر ، وقالت : لا يدفن مع زوجي من لا أُحبّ ، فما مدى صحّة ذلك ، وما هي المراجع ؟
الجواب : قد روى الشيخ الكليني (قدس سره) بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : " لما أحتضر الحسن بن علي (عليهما السلام) ، قال للحسين (عليه السلام) : يا أخي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمة (عليها السلام) ، ثمّ ردّني فادفنّي في البقيع، واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها ، وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وعداوتها لنا أهل البيت .
فلمّا قبض الحسن (عليه السلام) ، وضع على سريره ، وانطلقوا به إلى مصلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّي على الحسن (عليه السلام) ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فأدخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر .
وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن علي (عليهما السلام) ليدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ، فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ، فوقفت فقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجابه .
فقال لها الحسين بن علي (عليهما السلام) : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليحدث به عهداً ، واعلمي أنّ أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستره ، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاََ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ الإَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } (1) ، وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال بغير إذنه .
وقد قال الله عزّ وجلّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } (2) ، ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند إذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعاول .
وقال الله عزّ وجلّ : { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى } (3) ، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن (عليه السلام) عند أبيه (صلوات الله عليه) جائزاً فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنّه سيدفن وإن رغم معطسك " .
قال : " ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفية وقال : يا عائشة : يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ، فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم " .
قال : " فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية ، هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك ؟
فقال لها الحسين (عليه السلام) : وأنّى تبعدين محمّداً من الفواطم ، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص ابن عامر " .
قال : " فقالت عائشة للحسين (عليه السلام) : نحوا ابنكم واذهبوا به ، فإنّكم قوم خصمون " .
قال : " فمضى الحسين (عليه السلام) إلى قبر أُمّه ، ثمّ أخرجه فدفنه بالبقيع " (4) .
وروي أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " لمّا أن حضرت الحسن بن علي (عليهما السلام) الوفاة بكى بكاء شديداً وقال : إنّي أقدم على أمر عظيم ، وهول لم أقدم على مثله قط ، ثمّ أوصى أن يدفنوه بالبقيع .
فقال : يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهدي ، ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فادفني ، فستعلم يا بن أُم أنّ القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول الله ، فيجلبون في منعكم ، وبالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم .
فلمّا غسلّه وكفّنه الحسين (عليه السلام) ، وحمله على سريره ، وتوجّه إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً ، أتى مروان بن الحكم ومن معه من بني أُمية ، فقال : أيدفن عثمان في أقصى المدينة ، ويدفن الحسن مع النبيّ ؟ لا يكون ذلك أبداً ، ولحقت عائشة على بغل ، وهي تقول : ما لي ولكم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحبّ .
فقال ابن عباس لمروان : انصرفوا ، لا نريد دفن صاحبنا عند رسول الله ، فإنّه كان أعلم بحرمة قبر رسول الله من أن يطرق عليه هدما ، كما يطرق ذلك غيره ، ودخل بيته بغير إذنه ، انصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصّى .
ثمّ قال لعائشة : واسوأتاه يوماً على بغل ، ويوماً على جمل " ، وفي رواية : " يوماً تجمّلت ويوماً تبغّلت ، وإن عشت تفيّلت " .
فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال :
يا بنت أبي بكر لا كان ولا كنت     لك التسع من الثمن وبالكلّ تملّكت
تجمّلت تبغّلت وإن عشت تفيّلت (5)     
وروي عن زياد المخارقي قال : " لمّا حضرت الحسن (عليه السلام) الوفاة ، استدعى الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال : " يا أخي إنّي مفارقك ، ولاحق بربّي عزّ وجلّ ، وقد سقيت السمّ ، ورميت بكبدي في الطست ، وإنّي لعارف بمن سقاني السمّ ، ومن أين دهيت ، وأنا أخاصمه إلى الله تعالى ، فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء ، وانتظر ما يحدث الله عزّ ذكره فيّ ، فإذا قضيت نحبي فغمّضني ، وغسّلني وكفّني ، واحملني على سريري إلى قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهداً ، ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد ((رضي الله عنها)) فادفني هناك .
وستعلم يا بن أُم ، أنّ القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيجلبون في منعكم عن ذلك ، وبالله أقسم عليك أن تهريق في أمري محجمة دم " .
ثمّ وصّى (عليه السلام) إليه بأهله وولده وتركاته ، وما كان وصّى به إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) حين استخلفه وأهله لمقامه ، ودلّ شيعته على استخلافه ، ونصّبه لهم علماً من بعده .
فلمّا مضى (عليه السلام) لسبيله ، غسّله الحسين (عليه السلام) وكفّنه ، وحمله على سريره ، ولم يشكّ مروان ومن معه من بني أُمية أنّهم سيدفنونه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فتجمّعوا له ولبسوا السلاح ، فلمّا توجّه به الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً أقبلوا إليهم في جمعهم ، ولحقتهم عائشة على بغل ، وهي تقول : ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحبّ ؟
وجعل مروان يقول : يا ربّ هيجا هي خير من دعة ، أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبيّ ؟ لا يكون ذلك أبداً ، وأنا أحمل السيف .
وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم وبني أُمية ، فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت ، فإنّا ما نريد أن ندفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لكنّا نريد أن نجدّد به عهداً بزيارته ، ثمّ نردّه إلى جدّته فاطمة (عليها السلام) ، فندفنه عندها بوصيته بذلك ، ولو كان أوصى بدفنه مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعلمت أنّك أقصر باعاً من ردّنا عن ذلك ، لكنّه (عليه السلام) كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره ، من أن يطرق عليه هدماً كما طرق ذلك غيره ، ودخل بيته بغير إذنه .
ثمّ أقبل على عائشة وقال لها : واسوأتاه ، يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ؟ تريدين أن تطفئي نور الله ؟ وتقاتلين أولياء الله ؟ ارجعي فقد كفيت الذي تخافين ، وبلغت ما تحبّين ، والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين .
وقال الحسين (عليه السلام) : " والله لولا عهد الحسن إليّ بحقن الدماء ، وأن لا أهريق في أمره محجمة دم ، لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها ، وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم ، وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا " .
ومضوا بالحسن (عليه السلام) فدفنوه بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها وأسكنها جنّات النعيم " (6) .
ومثله في مناقب آل أبي طالب مع اختصار ، وزاد فيه : " ورموا بالنبال جنازته حتّى سل منها سبعون نبلاً " (7) .


____________
1- الأحزاب : 53 .
2- الحجرات : 2 .
3- الحجرات : 3 .
4- الكافي 1 / 300 .
5- الخرائج والجرائح 1 / 243 .
6- الإرشاد 2 / 17 .
7- مناقب آل أبي طالب 3 / 203 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page