• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( رنا . الأردن . ... ) كيفية قتله

السؤال : أشكركم على ردّكم ، ولكن هل هناك مجال لمعرفة تفاصيل مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ؟
الجواب : ورد في كتبنا أنّه في صباح اليوم العاشر ، وإتماماً للحجّة على أعدائه ، طلب الإمام الحسين (عليه السلام) من جيش يزيد أن ينصتوا إليه لكي يكلّمهم ، إلاّ أنّهم أبوا ذلك ، وعلا ضجيجهم ، وفي النهاية سكتوا ، فخطب فيهم معاتباً لهم على دعوتهم له وتخاذلهم عنه ، كما حدّثهم بما سيقع لهم بعد قتله على أيدي الظالمين ، من ولاة بني أُمية ، ممّا عُهد إليه من جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبيه علي (عليه السلام) ، وهو ما تحقّق فعلاً ، وخصّ في ذلك عمر بن سعد الذي كان يزيد يمنّيه بجعله والياً على الري وجرجان ، بأنّ حلمه ذاك لن يتحقّق ، وأنّه سوف يقتل ويرفع رأسه على الرمح .
ثمّ إنّ الشيطان استحوذ على ابن سعد ، فوضع سهمه في كبد قوسه ، ثمّ رمى مخيّم الحسين (عليه السلام) ، وقال : اشهدوا أنّي أوّل من رمى ، فتبعه جنده يمطرون آل الرسول (صلى الله عليه وآله) بوابل من السهام .
عظم الموقف على الإمام الحسين (عليه السلام)، ثمّ خاطب أصحابه : " قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابدّ منه ، فإنّ هذه السهام رُسل القوم إليكم " (1)، فلبّوا النداء وانطلقوا كالأسود يحاربون العدوّ ، واستمرت رحى الحرب تدور في ميدان كربلاء ، وأصحاب الحسين (عليه السلام) يتساقطون الواحد تلو الآخر ، وقد أرهقوا جيش العدوّ وأثخنوه بالجراح .
فتصايح رجال عمر بن سعد : لو استمرت الحرب بيننا لأتوا على آخرنا ، لنهجم عليهم مرّة واحدة ، ولنرشفهم بالنبال والحجارة .
لم يهدأ سعير المعركة ، وراح من بقي من أصحاب الحسين (عليه السلام) وأهل بيته يستشهدون الواحد تلو الآخر ، فاستشهد ولده علي الأكبر ، وأخوته ، وأبناء أخيه ، وابن أخته ، وآل عقيل وآل علي (عليه السلام) ، مجزّرين كالأضاحي وهم يتناثرون في أرض المعركة ، وكذا بدأ شلاّل الدم ينحدر على أرض كربلاء ، وصيحات العطش والرعب تتعالى من حناجر النساء والأطفال .
قال بعض الرواة : فوالله ما رأيت مكثوراً قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جاشاً منه ، وإن كانت الرجال لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه ، فينكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدّ فيه الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم ، ولقد تكاملوا ثلاثين ألفاً ، فيهزمون بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر ، ثمّ يرجع (عليه السلام) إلى مركزه ، وهو يقول : " لا حول ولا قوّة إلاّ بالله " .
فلم يزل (عليه السلام) يقاتلهم حتّى حالوا بينه وبين رحله ، فصاح : " ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى احسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون " (2) .
فناداه شمر (لعنه الله) : ما تقول يا بن فاطمة .
فقال (عليه السلام) : " إنّي أقول أقاتلكم وتقاتلونني ، والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرّض لحرمي ما دمت حيّاً " (3) .
فقال شمر (لعنه الله) : لك ذلك يا ابن فاطمة . فقصدوه بالحرب ، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه ، وهو في ذلك يطلب شربة من ماء فلا يجد ، حتّى أصابه اثنتان وسبعون جراحة ، فوقف يستريح ساعة ، وقد ضعف عن القتال ، فبينا هو واقف إذ أتاه حجر فوقع على جبهته ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته ، فأتاه سهم مسموم له ثلاث شعب ، فوقع على قلبه فقال (عليه السلام) : " بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) " .
ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : " إلهي أنت تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبيّ غيره " .
ثمّ أخذ السهم فأخرجه من وراء ظهره ، فانبعث الدم كأنّه ميزاب ، فضعف عن القتال ووقف ، فكلّما أتاه رجل انصرف عنه كراهة أن يلقى الله بدمه ، حتّى جاءه رجل من كندة ، يقال له مالك بن اليسر ، فشتم الحسين (عليه السلام) ، وضربه على رأسه الشريف بالسيف ، فقطع البرنس ووصل السيف إلى رأسه ، فامتلأ البرنس دماً .
فاستدعى الحسين (عليه السلام) بخرقة ، فشدّ بها رأسه ، واستدعى بقلنسوة فلبسها واعتم ، فلبثوا هنيئة ، ثمّ عادوا إليه وأحاطوا به .
فخرج عبد الله بن الحسن بن علي (عليهم السلام) وهو غلام لم يراهق من عند النساء يشتد ، حتّى وقف إلى جنب الحسين (عليه السلام)، فلحقته زينب بنت علي (عليهما السلام) لتحبسه ، فأبى وامتنع امتناعاً شديداً ، فقال : لا والله لا أفارق عمّي .
فأهوى بحر بن كعب ـ وقيل : حرملة بن كاهل ـ إلى الحسين (عليه السلام) بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يا بن الخبيثة ، أتقتل عمّي ؟ فضربه بالسيف فاتقاها الغلام بيده ، فأطنّها إلى الجلد ، فإذا هي معلّقة ، فنادى الغلام : يا أُمّاه ، فأخذه الحسين (عليه السلام) ، وضمّه إليه وقال : " يا ابن أخي أصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ، فإنّ الله سيلحقك بآبائك الصالحين " .
فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه ، وهو في حجر عمّه الحسين (عليه السلام) .
ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن حمل على فسطاط الحسين فطعنه بالرمح ، ثمّ قال : عليّ بالنار أحرقه على من فيه ، فقال له الحسين (عليه السلام) : " يا ابن ذي الجوشن ، أنت الداعي بالنار لتحرق على أهلي أحرقك الله بالنار " ، وجاء شبث فوبّخه فاستحيا وانصرف .
قال الراوي : قال الحسين (عليه السلام) : " ابغوا لي ثوباً لا يرغب فيه ، أجعله تحت ثيابي لئلا أجرّد منه " ، فأتي بتبّان فقال : " لا ، ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة " ، فأخذ ثوباً خلقاً فخرقه ، وجعله تحت ثيابه ، فلمّا قتل (عليه السلام) جرّدوه منه .
ولمّا أثخن الحسين (عليه السلام) بالجراح ، طعنه صالح بن وهب المريّ على خاصرته طعنة ، فسقط الحسين (عليه السلام) عن فرسه إلى الأرض على خدّه الأيمن ، وهو يقول : " بسم الله وبالله ، وعلى ملّة رسول الله " .
فخرجت زينب (عليها السلام) من باب الفسطاط وهي تنادي : " وا أخاه واسيّداه ، وا أهل بيتاه ، ليت السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل " .
وصاح شمر بأصحابه : ما تنتظرون بالرجل ، فحملوا عليه من كلّ جانب ، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى ، وضربه آخر على عاتقه المقدّس بالسيف ضربة كبا (عليه السلام) بها لوجهه ، وكان قد أعيا وجعل ينوء ويكب ، فطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته ، ثمّ انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره، ثمّ رماه سنان أيضاً بسهم فوقع في نحره ، فسقط (عليه السلام) ، وجلس قاعداً فنزع السهم من نحره ، وقرن كفّيه جميعاً ، فكلّما امتلأتا من دمائه خضّب بهما رأسه ولحيته ، وهو يقول : " هكذا ألقى الله مخضباً بدمي ، مغصوباً على حقّي " .
فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه : انزل ويحك إليه فأرحه ، فبدر إليه خولّي بن يزيد الأصبحي ليحتزّ رأسه فأرعد ، فنزل إليه سنان بن أنس النخعيّ (لعنه الله) فضربه بالسيف في حلقه الشريف ، وهو يقول : والله إنّي لأجتزّ رأسك ، وأعلم أنّك ابن رسول الله ، وخير الناس أباً وأُمّاً . ثمّ اجتزّ رأسه المقدّس المعظّم.
قال الراوي : فارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء ، لا ترى فيها عين ولا أثر ، حتّى ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم ، فلبثوا كذلك ساعة ، ثمّ انجلت عنهم .
ثمّ أقبلوا على سلب الحسين (عليه السلام) ، فأخذ قميصه إسحاق بن حوية الحضرمي فلبسه ، فصار أبرص وامتعط شعره .
وروي أنّه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة ، ما بين رمية وطعنة سهم وضربة .
وأخذ سراويله (عليه السلام) بحر بن كعب التيميّ ، فروي أنّه صار زمناً مقعداً من رجليه ، وأخذ عمامته أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرميّ ، وقيل جابر بن يزيد الأوديّ ، فاعتمّ بها فصار معتوها ، وأخذ نعليه الأسود بن خالد ، وأخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبيّ ، وقطع إصبعه (عليه السلام) مع الخاتم ، وأخذ قطيفة له (عليه السلام) كانت من خزّ قيس بن الأشعث ، وأخذ درعه البتراء عمر بن سعد ، فلمّا قتل عمر وهبها المختار لأبي عمرة قاتله ، وأخذ سيفه جميع بن الخلق الأوديّ .
ثمّ نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين فيواطئ الخيل ظهره وصدره ، فانتدب منهم عشرة ، فداسوا الحسين (عليه السلام) بحوافر خيلهم حتّى رضّوا صدره وظهره (4) .
فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .


____________
1- لواعج الأشجان : 136 ، اللهوف : 60 .
2- لواعج الأشجان : 185 ، تاريخ الأُمم والملوك 4 / 344 ، البداية والنهاية 8 / 203 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 190 ، اللهوف : 71 ، كشف الغمّة 2 / 262 .
3- مثير الأحزان : 55 ، لواعج الأشجان : 185 ، اللهوف : 71 .
4- اللهوف : 79 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page