السؤال : لقد قرأت كتيّب بعنوان " المسلم " للسيّد الشيرازي ، وقد لفتت انتباهي رواية عن أحد الأئمّة (عليهم السلام) ، بأنّه قد ردّ على ثلاثين ألف مسألة في جلسة واحدة ، وهذا الكلام غير منطقيّ ، لأنّنا لو قلنا : إنّ الجلسة كانت مدّتها 24 ساعة ، وقد تمّ طرح مسألة والإجابة عليها في كلّ دقيقة ، فأنّنا نرى أن ربع هذا الرقم لم نصل إليه ، فما هو ردّكم ؟ ولكم جزيل الشكر .
الجواب : الظاهر أنّك تقصد الرواية التي رواها ابن شهر آشوب في " مناقب آل أبي طالب " ، عن إبراهيم بن هاشم عن مجلس اجتمع فيه الناس للاستفادة من
الإمام الجواد (عليه السلام) ، وهو ابن عشر سنين ، هذه الروايات إن صحّ سندها ـ كما هو غير بعيد ، يمكن توجيها بعدّة وجوه أهمّها :
1ـ إنّ المقصود بالجلسة مجلس الاستفادة ، ولعلّه امتدّ أيّاماً وأسابيع ، وعبّر عنها بمجلس واحد ، لأجل أنّها عقدت لإثبات عظمة الإمام رغم صغر سنّه ، وعجز غيره عن مجاراته ومناظرته ، رغم كثرتهم وكبر سنّهم ، فهو مجلس واحد لأجل وحدة الغرض .
2ـ إنّ المقصود بالتعبير الوارد في الرواية والعدد المذكور الجزئيات والفروع التي استفيدت من القواعد التي أُسّست من قبل الإمام (عليه السلام) ، وهذا مثل ما يظهر من قوله سبحانه : { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } (1) ، وقوله : { وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } (2) بناء على أنّ المقصود بالكتاب هو القرآن .
فكما يمكن أن يحتوي القرآن على كلّ ما أُشير إليه رغم محدوديّته من حيث الألفاظ ، كذلك يمكن أن يحتوي كلام الإمام على أُسس وقواعد ليستخرج منها حكم فروع كثيرة .
وأيضاً قال الله سبحانه : { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } (3) ، ومعلوم أنّ توراة موسى كان كتاباً محدود الكلمات ، ومع ذلك احتوى تفصيلاً لكلّ شيء .
وقال في موضع آخر : { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } (4) ، وأشار سبحانه إلى احتواء القرآن بقوله : { وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } (5) ، وإلى هذا المعنى يشير أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله : " علّمني رسول الله ألف باب من العلم ، فتح لي كلّ باب ألف باب " (6) .
وقد قال بعض : إنّه استنبط من قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) : " لا ضرر ولا ضرار " أكثر من ألف حكم .
____________
1- الأنعام : 59 .
2- يونس : 61 .
3- الأنعام : 154 .
4- الأعراف : 144 .
5- الإسراء : 12 .
6- الفصول المختارة : 107 ، إعلام الورى 1 / 267 .
( حسين جبّاري . البحرين . 23 سنة . طالب ) ردّه على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد
- الزيارات: 342