السؤال : مع العلم بأنّنا نتوقّع خروج الإمام المهديّ (عليه السلام) دوماً بأنّه قريب ، حيث أنّنا نتلمّس الجور ، بأنّه قد وصل إلى أوجه .
منذ بداية البشرية والجور مستمر ، وهو السائد على الأرض والغالب أيضاً وإلى اليوم .
يتطلّب خروج الإمام المهديّ (عليه السلام) استعداداً من قبل الأُمّة كي تمهّد له الأرضية ، والسؤال الذي يطرح هنا : متى تعي البشرية دورها تجاه الإمام (عليه السلام) ؟ ومتى ستنصاع إلى الحقّ ، وتقبل به عن إرادة واختيار ؟
البشرية من بدء الخليقة ونداءات الأنبياء والرسل والحكماء ، وجميع من لهم دور في ترشيد الإنسانية تدعوا ، والقرآن يشير بكلّ صراحة وتأكيد : { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } (1) ، { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } (2) وغير ذلك .
كم تحتاج البشرية حتّى تكون في بداية دورها للاستعداد للخروج أو للتمهيد على الأقلّ ؟ إذا كانت من بدء الخليقة لم تعي أو لم يتحقّق الرقم المطلوب لخروجه (عليه السلام) .
هل نحتاج إلى عمر من الزمن يكثر عن الزمن الماضي ؟ ولماذا نحن علينا أن نشعر بأنّه قريب ؟ وليس معنى ذلك إنّني يائس من خروجه (عليه السلام) .
إنّ علامات الظهور كانت ولا تزال كأنّها بارزة ، وكأنّها تتحقّق يوماً بعد يوم ، وإنّ كلّ زمان يرى بأنّ خروجه قد آن أوانه .
الشيعة يمحّصون في خروجه ، حتّى أنّ البعض ينكر هذا الخروج ، فهل نحن نستطيع أن نستمر في اعتقادنا بخروجه (عليه السلام) إذا كنّا بعيدين عن وضوح الرؤية الحقيقيّة ؟ ولذلك فنحن نرى خروجه قريباً مع عدم وجود الأرضية الصالحة لذلك الخروج .
هل وصلنا إلى الحكمة الحقيقيّة والواضحة والمنشودة كي نستطيع بها توطيد الأرضية لخروجه (عليه السلام) ؟ لا تتمنّوا خروجه إلاّ وأنتم في عافية من دينكم.
والسؤال : لماذا لم تكن هذه الفترة كفيلة بأن تعدّ العدد الذي يؤهّل الإمام علي (عليه السلام) بأن يكون مقبولاً عند جميع الأطراف ؟ وذلك كما أشار الإمام نفسه أو وضّحته مسيرة التاريخ .
ولكم منّا ألف تحية وسلام .
الجواب : ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) : " إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لابدّ منها ، يرتاب فيها كلّ مبطل " ، فقلت له : ولم جعلت فداك ؟ قال : " لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم " ، قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ فقال: " وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غياب من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى إلاّ وقت افتراقهما " (2) .
أمّا ما أشرتم إليه من أنّه متى تعي البشرية دورها اتجاه الإمام (عليه السلام) ؟
في الجواب يمكن أن نقول : لابدّ من إيصال صوت الإسلام إلى جميع بقاع الأرض ، ونحاول تطبيقه بشكله الصحيح ، ونحاول تطبيق العدالة بأسمى أشكالها على سلوكنا وسلوك الآخرين ، حتّى يصبح المجتمع صالحاً بجميع طبقاته لتقبّل ظهور الإمام (عليه السلام) ، ولا يقف أمامه من يعرقل المسيرة .
إنّه بهذا نكون قد مهدّنا لظهور الإمام (عليه السلام) ، وقمنا بوظيفة الانتظار ، فإنّ الانتظار يعني تهيئة الأرضية الصالحة لظهوره (عليه السلام) بإعداد العدّة الصالحة فكريّاً وعمليّاً ، حتّى إذا ما ظهر (عليه السلام) تكون الأرضية صالحة من جانب المؤمنين أيضاً .
وجاء في حديث أبي بصير : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : " ليعدّن أحدكم لخروج القائم ولو سهماً ، فإنّ الله تعالى إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأنّ ينسئ في عمره حتّى يدركه ، ويكون من أعوانه وأنصاره " (3) .
____________
1- سبأ : 13 .
2- هود : 40 .
3- علل الشرائع 1 / 246 ، كمال الدين وتمام النعمة : 482 ، الاحتجاج 2 / 140 .
4- الغيبة للنعماني : 320 .
( إبراهيم المطوّع . السعودية . 40 سنة . موظّف ) اتجاهان في تمهيد الأرضية لظهوره
- الزيارات: 440