السؤال : وفّقكم الله وأطال في عمركم في خدمة أهل البيت (عليهم السلام) .
هناك آيات قرآنية عديدة فسّرها الأئمّة (عليهم السلام) بهم ، كأن يقولوا مثلاً : فينا نزلت ، أو في أمير المؤمنين من هذه الآيات ، قوله تعالى : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ، وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } ، وقوله تعالى : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } ، وقوله تعالى : { وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ } .
فهل نستفيد من هذه الروايات اختصاص هذه الآيات وغيرها بهم ؟ أم في كونهم مصداق أعلى لهذه الآيات ، ولكنّها تشمل غيرهم أيضاً ؟ وما هو الدليل ؟ وفّقكم الله بحقّ محمّد وآل محمّد .
الجواب : إذا أخذ قوله تعالى : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ ... } (1) نفسه مع قطع النظر عن المورد ، ومن شأن القرآن ذلك ـ ومن المعلوم أنّ المورد لا يخصصّ بنفسه ـ كان القول عامّاً ، من حيث السائل والمسؤول عنه ، والمسؤول منه ظاهراً ، فالسائل كلّ من يمكن أن يجهل شيئاً من المعارف الحقيقيّة والمسائل من المكلّفين ، والمسؤول عنه جميع المعارف والمسائل التي يمكن أن يجهله جاهل .
وأمّا المسؤول منه ، فإنّه وإن كان بحسب المفهوم عامّاً ، فهو بحسب المصداق خاصّ ، وهم أهل البيت (عليهم السلام) ، وذلك أنّ المراد بالذكر إن كان هو النبيّ (صلى الله عليه وآله) كما في آية الطلاق فهم أهل الذكر ، وإن كان هو القرآن كما في آية الزخرف فهو ذكر للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ولقومه ، فأهل البيت خاصة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وقد قارنهم (صلى الله عليه وآله) بالقرآن ، وأمر الناس بالتمسّك بهم في حديث الثقلين المتواتر (2) .
وقد وردت من الأحاديث عنهم(عليهم السلام) توضّح أنّهم هم أهل الذكر ، وهم قومه، وهم المسؤولون ، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْر ... } ، قال : " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الذكر أنا ، والأئمّة أهل الذكر " (3) .
وقوله عزّ وجلّ : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } (4) ، قال الإمام الباقر (عليه السلام) : " نحن قومه ، ونحن المسؤولون " (5) .
وأمّا قوله تعالى : { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ... } (6) ، فالمراد بأُولي الأمر هم الأئمّة من آل محمّد (عليهم السلام) ، لأنّ الله أوجب طاعتهم بالإطلاق ، كما أوجب طاعته وطاعة رسوله ، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الإطلاق إلاّ من ثبتت عصمته ، وعلم أنّ باطنه كظاهره ، وأمن من الغلط ، وليس ذلك بحاصل للأمراء والعلماء ، كما قيل : جلّ الله أن يأمر بطاعة من يعصيه ، أو بالانقياد للمختلفين في القول والعمل ، لأنّه محال أن يطاع المختلفون ، كما أنّه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه (7) .
أمّا قوله تعالى : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } (8) ، فالآية تدلّ على أنّ الأرض لا تخلو من هاد يهدي الناس إلى الحقّ ، إمّا نبيّ منذر ، وإمّا غيره ، يهدي بأمر الله ، وقد وردت روايات تشير إلى أنّ المنذر هو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والهادي هو علي (عليه السلام) ، ومعنى ذلك أنّ مصداق المنذر هو النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ومصداق الهادي هو علي (عليه السلام) أو الإمام (9) .
وأمّا قوله تعالى : { وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ } (10) ، فالمراد من مفهوم الصادقين كما وضّحه القرآن في سورة الحشر الآية الثامنة ، بأنّهم المؤمنون المحرومون ، الذين استقاموا وثبتوا رغم كلّ المشاكل ، وأخرجوا من ديارهم وأموالهم ، ولم يكن لهم هدف وغاية سوى رضى الله ، ونصرة رسوله (صلى الله عليه وآله) ، وهذا المفهوم واسع .
إلاّ أنّ المستفاد من الروايات الكثيرة : أنّ المراد من هذا المفهوم هنا هم المعصومون فقط ، ففي رواية : أنّ سلمان سأل عن تلك الآية فقال : يا رسول الله عامّة هذه الآية أم خاصّة ؟ فقال : " أمّا المأمورون فعامّة المؤمنين أُمروا بذلك ، وأمّا الصادقون فخاصّة لأخي علي والأوصياء من بعده إلى يوم القيامة " (11) .
____________
1- النحل : 43 .
2- أُنظر : الميزان في تفسير القرآن 12 / 284 .
3- الكافي 1 / 210 .
4- الزخرف : 43 .
5- الكافي 1 / 210 .
6- النساء : 59 .
7- أُنظر : مجمع البيان 3 / 114 .
8- الرعد : 7 .
9- أُنظر : الميزان في تفسير القرآن 11 / 327 .
10- التوبة : 119 .
11- كمال الدين وتمام النعمة : 278 .
( هاشم . الكويت . 20 سنة . طالب جامعة ) اختصاص بعض الآيات بهم
- الزيارات: 392