• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( ابنة المسيح ـ مصر ـ مسيحية ـ 18 سنة ـ طالبة جامعة ) تشبيه فكرة التثليث والتوحيد

السؤال : إن أردنا تشبيه فكرة التثليث والتوحيد فلننظر إلى الإنسان ، له عقل وجسد وروح ، فهل نستطيع القول أنّ أحد الثلاثة أهمّ عند الإنسان من الآخر ؟ أو أعلى من الآخر ؟
وأيضاً فلننظر إلى الشمس ، فلها ضوء وحرارة ونفس النجم ، هل إحداهن أهمّ من الآخر ؟ فبدون أي منهن يموت الإنسان .
أشكر سيادتكم وسعة صدركم للردّ ، والرجاء إذا أردت الدليل أُنظر إلى الآية : { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } (1) فهنا القرآن أثبت وجود الثلاث أقانيم : الكلمة وهو السيّد المسيح الإله المتجسّد ، والروح وهو روح القدس ، والله الأب ، وهؤلاء الثلاثة هم واحد .
الجواب : يتعيّن علينا أن نعرف أوّلاً ما هو المقصود من التثليث ؟ الذي ربما يعبّرون عن الموصوف به بالثالوث المقدّس ، وهم يقولون في تفسير فكرة التثليث : إنّ الطبيعة الإلهيّة تتألّف من ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر ، أي الأب والابن وروح القدس .
والأب هو خالق جميع الكائنات بواسطة الابن ، والابن هو الفادي ، وروح القدس هو المطهّر ، وهذه الأقانيم الثلاثة مع ذلك ذات رتبة واحدة ، وعمل واحد .
والأقنوم لغة يعني : الأصل ، والشخص ، فإذن يصرّح المسيحيّون بأنّ هذه الآلهة الثلاثة ذات رتبة واحدة ، وعمل واحد ، وإرادة واحدة ، بموجب هذا النقل .
ونحن نتساءل ما هو مقصودكم من الآلهة الثلاثة ؟ والواقع إنّ للتثليث صورتين لا يناسب أيّ واحد منهما المقام الربوبيّ :
1ـ أن يكون لكلّ واحد من هذه الآلهة الثلاثة وجود مستقلّ عن الآخر ، بحيث يظهر كلّ واحد منها في تشخّص ووجود خاصّ ، فكما أنّ لكلّ فرد من أفراد البشر وجوداً خاصّاً كذلك يكون لكلّ واحد من هذه الأقانيم أصل مستقلّ ، وشخصية خاصّة ، متميّزة عمّا سواها .
غير أنّ هذا هو نظر الشرك الجاهليّ ، الذي كان سائداً في عصر الجاهلية في صورة تعدّد الآلهة ، وقد تجلّى في النصرانية في صورة التثليث ! ولكن دلائل التوحيد قد أبطلت أي نوع من أنواع الشرك من الوثنية ، والتثليث في المقام الألوهيّ والربوبيّ .
وأدلّة التوحيد في الذات مذكورة في مضانّها من كتب الكلام ، فراجعي.
والعجيب حقّاً أنّ مخترعي هذه البدعة من رجال الكنيسة يصرّون بشدّة على أن يوفّقوا بين هذا التثليث والتوحيد بالقول : بأنّ الإله في كونه ثلاثة واحد ، وفي كونه واحداً ثلاثة ، وهل هذا إلاّ تناقض فاضح ؟! إذ لا تساوي الواحد مع الثلاثة في منطق أيّ بشر !! وليس هذا التأويل من سبب ، غير أنّهم لمّا واجهوا من جانب أدلّة التوحيد اضطرّوا إلى الإذعان بوحدانية الله تعالى .
ولكنّهم من جانب آخر لمّا خضعوا للعقيدة الموروثة ـ أي عقيدة التثليث ـ التي ترسّخت في قلوبهم أيّما رسوخ ، حتّى أنّهم أصبحوا غير قادرين من التخلّص منها ، والتملّص من حبائلها ، التجأوا إلى الجمع بين التوحيد والتثليث ، وقالوا : إنّ الإله واحد في ثلاثة وثلاثة في واحد !! وهو أن يقال : أنّ الأقانيم الثلاثة ليست بذات لكلّ منها وجود مستقلّ ، بل هي بمجموعها تؤلّف ذات إله الكون الواحد ، فلا يكون أيّ واحد من هذه الأجزاء والأقانيم بإله بمفرده ، بل الإله هو المركّب من هذه الأجزاء الثلاثة .
ويرد على هذا النوع من التفسير أنّ معنى هذه المقالة هو كون الله مركّباً محتاجاً في تحقّقه وتشخّصه إلى أجزاء ذاته ـ أي هذه الأقانيم الثلاثة ـ بحيث ما لم تجتمع لم يتحقّق وجود الله تعالى .
وفي هذه الصورة سيواجه أرباب الكنيسة والنصارى إشكالات أكثر وأكبر من ذي قبل :
أ ـ أن يكون إله الكون محتاجاً في تحقّق وجوده إلى الغير ـ وهو كلّ واحد من هذه الأقانيم ، باعتبار أنّ الجزء غير الكلّ ـ في حين أنّ المحتاج إلى الغير لا يمكن أن يكون إلهاً واجب الوجود ، بل يكون حينئذ ممكناً مخلوقاً محتاجاً إلى من يرفع حاجته ، كغيره من الممكنات .
بل يلزم كون الأجزاء الممكنة مخلوقة لله سبحانه من جانب ، ويلزم أن يكون الإله المتكوّن منها مخلوقاً لها من جانب آخر .
ب ـ إمّا أن تكون هذه الأجزاء ممكنة الوجود أو واجبة ، فعلى الأوّل يلزم احتياج الواجب ـ أي الكلّ ـ إلى الأجزاء الممكنة ، وعلى الثاني يلزم تعدّد واجب الوجود ، وهو محض الشرك ، وعندئذٍ فلا مناص من أن يكون ذلك الإله الخالق بسيطاً غير مركّب من أجزاء وأقانيم .
ج ـ إنّ القول بأنّ في الطبيعة الإلهيّة أشخاصاً ثلاثة ، وأنّ كلّ واحد منها يملك تمام الألوهية ، معناه أن يكون لكلّ واحد من هذه الثلاثة وجوداً مستقلاً ، مع أنّهم يقولون : إنّ طبيعة الثالوث لا تقبل التجزئة .
وبتعبير آخر : إنّ بين هذين الكلامين ، أي استقلال كلّ أقنوم بالطبيعة الألوهية ، وعدم قبول طبيعة الثالوث للتجزئة تناقضاً صريحاً .
د ـ إذا كانت شخصية الابن إلهاً ـ أي أحد الآلهة ـ فلماذا كان يعبد الابن أباه ؟
وهل يعقل أن يعبد إله إلهاً آخر مساوياً له ، وأن يمد إليه يد الحاجة ، أو يخضع أحدهما للآخر ، ويخفض له جناح التذلّل والعبودية ، وكلاهما إلهان كاملا الألوهية .
هذا حقّ المقال حول التثليث ، ومن العجب أنّ أحد القسّيسين القدامى ـ وهو أوغسطين ـ قال : " أؤمن بالتثليث لأنّه محال " (2) .
ومن هذا العرض يتّضح الجواب على تشبيه فكرة التثليث بالإنسان ، هذا لو تنزلّنا وقلنا : أنّ العقل والروح والجسد متساوية الرتبة ، وهي التي تكوّن حقيقة الإنسان .
وأمّا إذا قلنا ـ وهو الحقّ ـ : أنّ حقيقة الإنسان هو النفس المجرّدة عن أيّ شيء وراء الجسد ، فلا يصحّ التشبيه أصلاً ، ومع ذلك لا تخرج حقيقة الإنسان عن التركّب فهو ماهية !!
ومثله التشبيه بالشمس ، فإنّ الضوء والحرارة أثران من آثار الشمس ، كما أنّ النار هي علّة للضوء وللحرارة ، فلاحظ .
وأمّا الجواب على الآية الواردة في السؤال ، فإنّ الآية صريحة في آخرها بنفي التثليث ، قال تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ } .
فمع أنّك لم تقبلي الآية كاملة ، وقطعتيها من الأوّل والآخر ، حتّى تشبّهي القارئ بما تريدين !! لم تطبّقي التقسيم بصورة جيّدة ، وأقحمت التقسيم الثلاثي للآية إقحاماً .
وأمّا تفسيرها : فإنّ قوله تعالى : { عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } فقد وصفه القرآن بكونه ابن مريم ، فكيف يمكن أن يكون إلهاً يعبد ؟ أو ابناً لله ؟
وقوله : { رَسُولُ اللهِ } فإنّ الكونَ بأجمعه كلمة لله ، وأنّ نظامه البديع يحكي عن علمه جلّ وعلا ، ويخبر عن حكمته ، ويعبّر عن قداسته كما تعبّر الألفاظ والكلمات عن معانيها ، ولكن حيث أنّ هذه الكلمة ـ أي المسيح ـ خلق دون توسطّ أسباب وعلل ، لذلك أُطلقت عليه لفظة الكلمة بخصوصه ، لإبراز أهمّيته الخاصّة من بين كلمات الله الأُخر .
وقوله تعالى : { رُوحٌ مِّنْهُ } أي من جانب الله تعالى .


___________
1- النساء : 171 .
2- مفاهيم القرآن 1 / 276 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page