• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

القرآن الكريم والطريق نحو الكمال

القرآن الكريم والطريق نحو الكمال

 سماحة الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي

 إعداد: السيد منذر الحكيم

قلنا: إنّ جميع النظريّات الاخلاقيـّة ـ فضلاً عن الانظمة الاخلاقيـّة والتربويّة ـ تبتني على مبادئ عامّة، هي: أولاً: مبدأ حريّة إرادة الانسان. وقد أسلفنا موقف القرآن الكريم من هذا المبدأ في الحلقة الاُولى. ثانياً: مبدأ وجود مثل أعلى أو كمال نهائي وراء كلّ عمل إرادي يصدر من الانسان. و إذا كان وراء كلّ سلوك إرادي داع يحرّك الانسان لاتيانه وأمكن تحليل هذا الداعي بداع أعلى لتسلسلَ التعليلُ حتّى ينتهي إلى داع ليس وراءه داع آخر، وذلك الداعي النهائي هو المثل الاعلى والهدف الاقصى للانسان، ويكون مطلوباً بالفطرة ومُراداً ذاتيّاً للانسان بحيث يكون طلبه بديهيّاً لا يحوجه إلى تجشّم استدلال أو تفسير. وهذا مبدأ تعترف به الانظمة والنظريات الاخلاقـيّة لا محالة. و إن اختلفت في تفسير ما ينبغي أن يكون هو الهدف الاقصى. وقد أوضح القرآن الكريم موقفه من هذا المبدأ حيث علّل كلّ سلوك وفسّره بتفسير ينتهي به إلى الفوز والفلاح أو السعادة. ولم يتعرّض لتعليل الحاجة إلى الفوز أو السعادة. وهذا ما أوضحناه في الحلقة الثانية من هذه المجموعة. ثالثاً: والان نستعرض ثالث المبادئ العامّة والاُصول المشتركة بين جميع النظريّات والانظمة الاخلاقـيّة مستهدفين استعلام موقف القرآن الكريم منه. إنّ هذا المبدأ يتمحور حول ضرورة وجود طريق نحو الكمال اللائق بالانسان. وقد صرّح القرآن الكريم بأنّ مصير الانسان أو الكمال الذي ينبغي أن يصير إليه الانسان رهين بعمل الانسان. فالعمل الاختياري للانسان أو سلوكه وسعيه هو الذي يصنع له مصيره لا غير. ويتضمّن هذا المبدأ ما يلي: 1 ـ إنّ سعي الانسان لا يذهب سُدىً بل له ناتج وثمرة. 2 ـ إنّ نتيجة هذا السعي تعود لنفس الانسان قبل كلّ شيء. 3 ـ إنّ الفوز أو الفلاح لا يمكن تحصيله من دون توسّط عمل الانسان الذي يصدر عنه باختياره. 4 ـ لا توجد أيـّة علّة اُخرى لتحصيل الفلاح والسعادة إلاّ عمل الانسان نفسه. إذاً لا يؤثّر عمل الاخرين على المصير الواقعي للانسان. لاحظ الايات التي تربُط بين العمل والجزاء، أو الكسب والجزاء، أو الفعل والعاقبة، أو تشير إلى أنواع السلوك من إحسان و إساءة، أو إبصار وعماية، أو شكر وكفران، أو تزكية للنفس و إهمال لها، أو قبول للهداية ورفض لها. فإنّها جميعاً تشير بوضوح إلى موقف القرآن الكريم من هذا المبدأ بشتّى فروعه. قال تعالى: 1ـ ()فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرّة خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرّة شَرّاً يَرَه)([1]). إذاً لا بدّ لايّ عمل للانسان من أثر و إنّ هذا الاثر يعود إليه «إن خيراً فخير و إن شرّاً فشر». 2 ـ (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه)([2]). فجزاء العمل السيّئ يعود لنفس الانسان. 3 ـ (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُون)([3]). والفلاح يترتّب على فعل الخير، والفلاح إنّما هو لفاعل الخير. 4 ـ (هَلْ تُجْزَوْنَ إلاّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُون)([4]). 5 ـ (جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُون)([5]). فالجزاء هو نفس الاعمال المكتسبة أو هو مجموع نتائج الاعمال. 6 ـ (إنْ أحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لانْفُسِكُمْ وَ إنْ أسَأتُمْ فَلَها)5([6]). 7 ـ (فَمَنْ أبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها)([7]). 8 ـ (مَن اهْتَدى فَإنّما يَهْتَدي لِنَفْسِه)([8]). 9 ـ (وَمَنْ يَشْكُر فَإنّما يَشْكُر لِنَفْسِه)([9]). 10ـ (وَمَنْ تَزَكّى فَإنّما يَتَزَكّى لِنَفْسِه)([10]). 11ـ (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أسَاءَ فَعَلَيْها)([11]). 12ـ (ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرى)([12]). إذاً الطريق الوحيد ـ لكلّ انسان ـ للوصول إلى المصير الذي يبتغيه والكمال الذي ينشده أو ينبغي له أن ينشده إنّما هو عمله فحسب، و إرادته التي تتجلّى في سلوكه لا غير. ومن هنا سوف يتّضح دور النيّة في مصير الانسان أيضاً، وكيف يكون نوع النوعيّة دخيلاً في نوع المصير الذي يصل إليه الانسان.

_____________________________________

 ([1]) الزلزلة: 7 و8 .
([2]) النساء: 123.
([3]) الحج: 77 .
([4]) يونس: 52 .
([5]) التوبة: 82 .
([6]) الاسراء: 7 .
([7]) الانعام: 104.
([8]) الاسراء: 15.
([9]) لقمان: 12.
([10]) فاطر: 18.
([11]) فصّلت: 46.
([12]) النجم: 38.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page