السؤال : نشكر لكم هذه الجهود لنشر معالم أهل البيت (عليهم السلام) ، ووفّقكم الله لكلّ خير .
سؤالي هو عن خطبة وجدتها في كتاب نهج البلاغة ، يقول الإمام علي (عليه السلام) بالشورى ، وهذه هي : ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية :
( إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأنصار ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْن أَوْ بِدْعَة رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ منه ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى .
وَلَعَمْرِي ، يَا مُعَاوِيَةُ ، لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَة عَنْهُ ، إِلاَّ أَنْ تَتَجَنَّى ; فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ ! وَالسَّلاَمُ ) (1) .
فما هو ردّكم عليها ؟ ولكم منّي كلّ شكر وامتنان على ما تقدّموه .
الجواب : لقد نقل لنا التاريخ : أنّ الإمام علي (عليه السلام) لم يمدّ يده إلى البيعة ، إلاّ بعد إلحاح الجماعة ـ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ـ والصحابة في الطليعة ، وفيهم طلحة والزبير .
وبعد أن تمّت البيعة للإمام (عليه السلام) كتب لمعاوية رسالة ، مع جرير بن عبد الله البجلي ، جاء فيها : ( إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ ) ، فكأنّما يريد (عليه السلام) أن يقول له : يا معاوية أنت تعترف بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، لأنّها تمّت ببيعة المهاجرين والأنصار ، وعلى ما تعترف به وتذهب إليه ، فقد بايعني القوم ، فلزمتك بيعتي وأنت بالشام ، فبايع كما بايع القوم .
( فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ ) ويرفض ويعترض إذا تمّت البيعة من أكثرية الصحابة وغيرهم .
( وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ ) بيعة الإمام الذي بايعه القوم .
( وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأنصار ) ، فكأنّما يريد (عليه السلام) أن يقول له : يا معاوية ألست تعتقد بالشورى وتحتجّ بها ؟ ألست تعتقد بالإجماع وتحتجّ به ؟ فقد بُويعت بمشورة المهاجرين والأنصار ، وقد تمّت البيعة لي بإجماع المسلمين .
( فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُل وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً ) هذا ما تعتقده ، فلماذا لا تبايع ؟ وكما يقول المثل : ما عدا ممّا بدا ؟
إذاً ، قال (عليه السلام) هذا الكلام على مقتضى عقيدة القوم ، ومن باب ( ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) ، وإلاّ فإمامته كانت ثابتة بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) بلا فصل ، بالنصّ الصادر منه (صلى الله عليه وآله) على ما أفاضت إليه الأدلّة اليقينية المستفيضة في مظانّها .
_______________
1- شرح نهج البلاغة 15 / 78 .
( محمّد . البحرين . ... ) بيعة الناس لأمير المؤمنين
- الزيارات: 361