السؤال : ذكرتم في الردّ على سؤال أحد الأخوان في باب تبرّك الصحابة بقبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) عدداً من الأحاديث ، فهل هذه الأحاديث صحيحة عند أهل السنّة ؟
كما أرجو ذكر المزيد منها ، ولكم جزيل الشكر .
الجواب : لاشكّ أنّ بعض هذه الروايات قد صحّحها رواتها في كتبهم ، كما وقد ذكرها مجموعة أُخرى من علماء أهل السنّة في كتبهم ، ثمّ بالإضافة إلى هذه الروايات ، نذكر روايات وأقوال أُخرى دالّة على تبرّك الصحابة وغيرهم ، منها :
1-عن داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان يوماً ، فوجد رجلاً واضعاً وجهه ـ جبهته ـ على القبر ، فأخذ مروان برقبته ، ثمّ قال : هل تدري ما تصنع ؟
فأقبل عليه ، فإذا أبو أيّوب الأنصاريّ ، فقال : نعم جئت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولم آتِ الحجر ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ( لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله ) (1) .
2-عن إسماعيل بن يعقوب التيمي قال : ( كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه ، قال : وكان يصيبه الصمات ، فكان يقوم كما هو يضع خدّه على قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثمّ يرجع ، فعوتب في ذلك ، فقال : إنَّه ليصيبني خطرة ، فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن ، فيتمرّغ فيه ويضطجع ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنّي رأيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) في هذا الموضع ـ يعني في النوم ـ ) (2) .
3-روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه رواية أبي علي بن الصوف عنه ، قال عبد الله : ( سألت أبي عن الرجل يمسُّ منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ويتبرّك بمسِّه ويقبِّله ، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى ؟ قال : لابأس به ) (3) .
4-ذكر الخطيب ابن حملة : ( أنَّ عبد الله بن عمر كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف ، وأنَّ بلالاً (رضي الله عنه) وضع خدّيه عليه أيضاً .
ورأيت في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله ابن الإمام أحمد ... ثمّ قال : ولاشكّ أنَّ الاستغراق في المحبّة يحمل على الإذن في ذلك ، والمقصود من ذلك كلّه الاحترام والتعظيم ، والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته ، فأُناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه ، وأُناس فيهم أناة يتأخّرون ، والكلّ محلُّ خير ) (4) .
5-قال الشافعيّ الصغير محمد بن أحمد الرملي ـ المتوفّى 1004 هـ ـ في شرح المنهاالجواب : ( ويكره أن يجعل على القبر مظلّة ، وأن يُقبَّل التابوت الذي يُجعل فوق القبر واستلامه ، وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء .
نعم ؛ إنّ قصد التبرّك لا يكره كما أفتى به الوالد ) (5) .
6-الذهبيّ المعاصر لابن تيمية ، والذي يعترفون بإمامته ، فقد انتقد أصحاب هذا الرأي المتطرّف ، وسمّاهم المتنطعين وأتباع الخوارج ، وأفتى بأنّ تحريمهم للتبرّك بمنبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بدعة !
قال في سير أعلام النبلاء : ( أين المتنطع المنكر على أحمد ، وقد ثبت أنّ عبد الله سأل أباه عمّن يلمس رمانة منبر النبيّ ، ويمسّ الحجرة النبويّة ؟ فقال : لا أرى بذلك بأساً ؟! أعاذنا الله وإيّاكم من رأي الخوارج ، ومن البدع ) (6) .
7- قال البخاريّ : ( باب ما ذكر من درع النبيّ وعصاه ، وسيفه وقدحه وخاتمه ، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك ، ممّا لم يذكر قسمته ، ومن شعره ونعله وآنيته ، ممّا تبرّك أصحابه وغيرهم بعد وفاته ) (7) .
وغيرها من أقوال العلماء السنّة الدالّة على جواز التبرّك .
____________
1- مسند أحمد 5 / 422 ، المستدرك على الصحيحين 4 / 515 ، مجمع الزوائد 5 / 245 ، الجامع الصغير 2 / 728 ، كنز العمّال 6 / 88 ، فيض القدير 6 / 501 ، تاريخ مدينة دمشق 57 / 249 ، دفع الشبه عن الرسول : 199 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 398 ، وفاء الوفا 4 / 1404 .
2- وفاء الوفا 4 / 1406 .
3- وفاء الوفا 4 / 1404 ، العلل 2 / 492 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 398 .
4- وفاء الوفا 4 / 1405 .
5- الغدير 5 / 151 .
6- سير أعلام النبلاء 11 / 212 .
7- صحيح البخاريّ 4 / 46 .
( عباس . البحرين . ... ) تعليق على الجواب السابق وجوابه
- الزيارات: 410