• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( عقيل . الكويت . ... ) الآيات الموهمة لهما

السؤال : ما هو تفسير قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (1) ، و { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } (2) ، و { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } (3) .
الجواب : اختلفت الأقوال في تفسير العرش ، فقد جاءت فيه تفاسير ثلاثة :
الأوّل : الأخذ بالمدلول اللغويّ للعرش ، وما يكون هو المتبادر الأوّلي إلى الأذهان ، وهو المكان الخاصّ الذي يجلس فيه من له امتياز على غيره ، كالملوك والأُمراء ، بل وبعض الكبراء ، كرؤساء القبائل وأمثالهم .
وبهذا يفسّرون العرش : بأنّه المكان الذي يجلس فيه الله تعالى { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } ، { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (4) أي جلس على عرشه .
وهناك تفسير للكرسي في قوله تعالى : { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } (5) ، حيث قالوا : بأنّ العرش يمتاز عن الكرسيّ ، بأنّ العرش هو الذي يجلس عليه الله تعالى ، والكرسيّ موضع قدميه .
وهذا التفسير ـ بوجهيه ـ لا يمكن الأخذ به بأيّة حال ، لأنّه يقتضي التشبيه والتجسيم الصريح غير المؤوّل ، وهذا مالا تقرّ به طوائف المسلمين ، سوى الشاذّ منها .
وأمّا التنصّل من مشكلة التشبيه والتجسيم بأن نقول : بأنّ الله تعالى يجلس جلوساً واقعياً على عرشه بلا كيف ، ولا نقول : كيف حتّى يستلزم التشبيه والتجسيم ، وهو كلام خالٍ من أيّ معنى معقول .
التفسير الثاني : أنّ الاستواء بمعنى الاستيلاء ، وهذا يلتزم به من يأبى التشبيه والتجسيم بالنسبة إلى الله تعالى ، ويستدلّون بالبيت المعروف : ( قد استوى بشر على العراق ) أي استولى ، وهذا التفسير الثاني فيه المجاز في كلمة الاستواء ، أي بمعنى الاستيلاء .
التفسير الثالث : أنّ الاستواء على العرش كناية على التدبير ، والأخذ بزمام إدارة من له حقّ الإدارة ، والإشراف والتدبير عليه ، وهذا هو المقصود بما يذكره المؤرّخون ، من تواريخ الجلوس على العرش للملوك والأمراء ، بمعنى استوى عليه : بأن جعله تحت قدرته ، ومنع غيره من الجلوس عليه إلاّ بإذنه ، كما نقول : استوى زيد على داره بعد ستة سنوات ، معناه : أنّ داره كانت مغصوبة ، ثمّ عادت إليه ، بأن استولى عليها .
وهذا المعنى ليس المقصود من الآية الكريمة ، بل المقصود القيام بالتدبير ، وإدارة شؤون من له القدرة عليه ، والاستيلاء عليه ، والاستيلاء بمعنى التسلّط عليه ، فالله تعالى حينما يذكر { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } يعني : أنّ الله تعالى خلق خلقه ، ثمّ قام بتدبير أمرهم ، كما يشير إليه قوله تعالى : { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ } (6) .
استوى على العرش نوع من المجاز ، الذي كان يفهمه السامعون يوم نزول القرآن الكريم ، بحيث يقال لهم : أنّه قام بالتدبير بلا استعارة للاستواء على العرش ، ما كانوا يفهمونه بدقّة كاملة .
فالله تعالى يقول : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } يعني : قام بتدبير الأُمور ، فيضيف إليه قوله تعالى : { يُدَبِّرُ الأَمْرَ } ، وهذا المعنى الصحيح من هذا التعبير متى ورد في القرآن الكريم ، ومتى ورد في السنّة الصحيحة ؟
وأمّا قوله تعالى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } ، فله تفسيران :
الأوّل : الأخذ بالمعنى الظاهريّ ، ويستدلّون عليه بالحديث الوارد عند غير الإمامية ، ويصرّون على أنّه حديث صحيح : بأنّ أُمم يوم القيامة تمتاز بعضها عن بعض ، فيبقى المسلمون ، فيأتيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فيأخذ بهم إلى حيث بيت الله تعالى ، فيطرق باب الجنّة ، فيخرج إليهم سبحانه وتعالى ، فيقولون له : نحن نريد أن نعرف ربّنا ؟ فيسألهم : هل ترون لربّكم علامة ؟ يقولون : نعم ، إنّ العلامة أثر في ساق ربّنا ، فيكشف الله تعالى عن ساقه ، فيرون العلامة ، فيقعون سجّداً لله تعالى ، إلاّ المنافقين الذين تتقلّب ظهورهم ، فلا يمكنهم السجود .
وأمّا التفسير الثاني : وهو الذي يأخذ به علماء الإمامية ، ومن تبعهم { يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } ليس معناه ساق الله تعالى ، وإنّما كناية عن جدّة الأمر وحدّته ، فالذي يريد أن يقوم بعمل وهو جادّ ، يعبّرون عنه بأنّه كشف عن ساقه ، أو شمّر ثوبه ، أو كشف ذراعيه ، وليس معناه أنّ كلّ عامل جدّ لابدّ وأن يكشف عن ذراعيه ، أو يكشف عن ساقه ، وإنّما يقصد به المعنى اللازم لهذا العمل ، وهو الوقوع في موقع جدّيّ ، والقيام بالعمل الجدّ .
فالله تعالى يقول : أنّ الذين لم يؤمنوا بالله في حياتهم الدنيا عابثون لا يقدّرون الموقف ، وسيأتي عليهم يوم يكشف فيه عن ساق ، يعني ذلك اليوم يوم جدّ لا عبث فيه ، وهنالك هؤلاء يعجزون عن أداء ما عليهم من العبادة لربّهم سبحانه وتعالى ، الذين كانوا ينكرونه في حياتهم الدنيا ولا يعبدونه .
وأمّا قوله تعالى : { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } (7) .
التعبير العربيّ كان يوم ذاك ولا زال محبوب عند القبائل ، أنّهم كانوا يعبّرون عن رعاية الكبير ـ سواء كان شيخ عشيرة ، أو أمير بلد ، أو ملك ، أو صاحب سلطة ـ بأنّهم يراعون وجهه ، ويعبّرون عن أنفسهم بأنّهم جالسون أمامه ، ووجوههم في وجهه ، فلا يستطيعون مخالفته ، فيقولون ولا زال التعبير إلى يومنا هذا : بخاطر وجهك .
فالله تعالى يعتبر التقرّب إليه بأن يكون العمل خالصاً له { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ } (8) .
فالوجه هنا عبارة عن الذات الإلهيّة ، والتوجّه إليه تعالى توجّهاً كاملاً ، والتقرّب إليه وحده سبحانه ، بلا شريك ، ولا دخل لغيره.
وهنا حينما يقول : { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } أي يبقى ربّك ، لأنّ كلّ معبود سيفنى ، والمعبود الذي يبقى هو الله تعالى { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } (9) ، وهذا هو المقصود من الوجه ، أي إلاّ الله تعالى ، هذا التعبير ، يعني تقريب المعقول عن طريق التشبيه بالمحسوس ، أصل جار في كثير من الآيات الكريمة .


____________
1- طه : 5 .
2- القلم : 42 .
3- الرحمن : 27 .
4- الأعراف : 54 .
5- البقرة : 255 .
6- يونس : 3 .
7- الرحمن : 27 .
8- الإنسان : 9 .
9- القصص : 88 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page