السؤال : وبعد ، في قضية تزويج عمر من أُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أرجو منكم الردّ السريع على أسئلتي :
1ـ ذكرتم بعض المصادر الحديثية ، والتي ليس لها صلة بواقع القضية ، والسبب أنّ القضية تاريخيّة ليست حديثية ، ووقعت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى ما يبرّره أهل السنّة من أنّ زواج عمر منها ، هو أن يحظى بالقرب من البيت الطاهر ، مستدّلاً بذلك المروي عن رسول الله : ( كلّ سبب ونسب مقطوع إلاّ سببي ونسبي ) ، فما هو الردّ على ذلك ؟
2ـ ما المقصود في قولكم : ما ليس فيه فليس بصحيح ، هل هو مسند أحمد ابن حنبل أم ماذا ؟
3ـ في قولكم : بالإضافة إلى أن جميع مسانيد الخبر ... نفس علمائهم ، أرجو التوضيح والتفصيل .
4ـ هل أنّ قضية تزويج أُمّ كلثوم مروية بسند صحيح في كتبنا ، وما هو المقياس في ذلك ؟
الجواب : بالنسبة إلى السؤال الأوّل نقول : لا يخفى أنّ القضايا التاريخيّة يعتمد فيها على كلّ مصدر نقل خبراً ، أو يستفاد منه نقل الخبر ، فالقرآن والحديث فيهما الكثير من نقل قضايا تاريخيّة ، يمكن أن يستفاد منها في التاريخ ، بل هما أولى من غيرهما .
وقضية تزويج أُمّ كلثوم ، وأن كانت تاريخيّة ، ولكن لأهمّيتها صارت من المسائل العقائديّة ، وأعطاها أهل السنّة حجماً كبيراً ، ليستدلّوا بذلك على حسن العلاقة بين أمير المؤمنين (عليه السلام) والخلفاء ، وعليه فتناقلتها الكتب الحديثية عند الفريقين ، وقد بيّنا كلّ ذلك بالتفصيل في إجاباتنا على الأسئلة المختصّة في هذا الموضوع .
وأمّا تبريرات أهل السنّة فإنّها مردودة جملةً وتفصيلاً ، لأنّهم لو اعتمدوا في هذه المسألة على مصادرهم ، لشاهدوا بوضوح أنّ القضية عكسية تماماً ، لأنّ الموجود في مصادرهم الناقلة للقضية أنّ المسألة جنسية ، مع نوع من الاستهتار الذي لا يليق بأدنى الطبقات من المعتوهين ، فكيف بخليفة المسلمين على حدّ تعبيرهم ؟
وبالنسبة إلى السؤال الثاني نقول : الضمير في : ( ما ليس فيه فليس بصحيح ) يعود إلى مسند أحمد ، حيث أنّ أحمد وجمع من اتباعه يعتقدون بأنّ ما ليس في الصحيحين ولا في مسند أحمد فليس بصحيح ، وخبر تزويج أُمّ كلثوم لم يخرّجه أحمد في مسنده ، وليس في الصحيحين ، إذاً فليس الخبر بصحيح على مبنى من يعتقد بهذا الاعتقاد .
وبالنسبة إلى السؤال الثالث نقول : معنى العبارة هكذا : بالإضافة إلى هذا ـ أي : أنّ خبر التزويج لم يخرّج في المسانيد المعتبرة ـ فإنّ جميع أسانيد خبر التزويج ساقطة عن الاعتبار والحجّية ، بسبب أنّ رواته إمّا مولى عمر ، وإمّا قاضي الزبير ، وإمّا قاتل عمّار ـ ومن يقتل عمّار هل يتوقّع منه الصدق في نقل الخبر ؟ ـ ومن رواته أيضاً : من باع دينه وآخرته للحكّام الأُمويين .
إذاً ، فرجال أسانيد الخبر بين كذّاب ووضّاع ، وضعيف ومدلّس ، وعليه فلا يصحّ الاحتجاج بخبر التزويج ، ولا يصحّ الركون إليه ، وهذه النتيجة أعترف بها نفس علماء أهل السنّة .
وبالنسبة إلى السؤال الرابع نقول : ورد الخبر في كتبنا بأسانيد معتبرة ، ولكن ورد معتبراً بهذا المقدار : أنّ عمر خطب أُمّ كلثوم من الإمام علي (عليه السلام) ، وعلي اعتذر بأنّها صبية وبأعذار أُخرى ، فلم يفد اعتذاره ، فهدّده عمر بعدّة تهديدات ـ أشار الإمام الصادق (عليه السلام) إلى هذا التهديد بقوله : ( ذلك فرج غُصب منّا ) ـ إلى أن اضطرّ الإمام (عليه السلام) فأوكل أمر التزويج إلى عمّه العباس ، فزوّجها العباس ، وانتقلت أُمّ كلثوم إلى دار عمر ، وبعد موت عمر أخذ الإمام علي (عليه السلام) بيد أُمّ كلثوم ، وانطلق بها إلى بيته (1) .
أمّا هل أنّ عمر دخل بها أم لا ؟ أو كان له منها ولد أو أولاد أم لا ؟ فلا دلالة على ذلك في رواياتنا ، وأيّد الزرقانيّ المالكيّ هذا المطلب بقوله : ( وأُمّ كلثوم زوج عمر بن الخطّاب ، ومات عنها قبل بلوغها ) (2) .
وعلى كلّ حال ، فالمسألة في غاية الغموض والتضارب ، بل والتناقض ، ممّا يجعلنا نعطي بعض الحقّ لمن شكّك في أصل الواقعة ، ونفاها من أساسها .
____________
1- الكافي 5 / 346 و 6 / 115 .
2- شرح المواهب اللدنية 7 / 9 .
( عبد الله الحسين . السعودية . 21 سنة . طالب علم ) في غاية الغموض والتضارب
- الزيارات: 406