• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

القيمومة الزوجية في نظر الاسلام

القيمومة الزوجية في نظر الاسلام :

ومرّ الكلام عن قيمومة الاب في الجاهلية وأنه هو الذي كان يقرّر مصيرهم ويتولّى تزويجهم باختياره ، تبعاً لحساباته الخاصة به ، وأن أمر البنت كان بيد والدها ، فإن مات فبيد إخوانها أو أعمامها ومنهم يخطبها الخاطب ، وواضح ما في ذلك من حدود وقيود على حقها في تقرير مصيرها بنفسها وحرية ارادتها واختيارها .
وفي الاسلام اتخذت قيمومة الرجل على المرأة وضعها القانوني بنص الاية الرابعة والثلاثين من سورة النساء بقوله تعالى : (الرجال قوّامون على النساء) أي الازواج على زوجاتهم ، ولم يقل : الاباء قوّامون على البنات ، ولا الاخوة على الاخوات ، ولا الاعمام على بنات الاخوة ، ولا كل رجل على كل امرأة ، وإنما الازواج على زوجاتهم .
وحسب مصطلحات علم الاجتماع الغربي وتصنيفه المجتمعات إلى النظام الامومي ثم النظام الابوي ، ترجع القيمومة الجاهلية إلى تقدم النظام الابوي على الانظام الامومي المفترض سابقاً ، وبالمقارنة والمقايسة المنصفة فيما بين القيمومة الابوية والزوجية في الجاهلية ، وبين القيمومة الابوية والزوجية في الاسلام ، يعرف المنصف أن الشريعة الاسلامية لم تؤكد ما كان قائماً سابقاً في الجاهلية( 42 ) ، بل هذا القول من جاهلية القرن العشرين .
والمفروض أن أحكام الطبائع ومظاهرها هي أصل القيمومة ومسوّغها، وذلك ما وردت الاشارة إليه في الاية الكريمة : (بما فضّل اللّه بعضهم على بعض) ، ولا يتحمل القرآن الكريم سوء تفسير بعض من نصب نفسه لتفسير القرآن الكريم بآرائه البشرية ، في القرن السابع الهجري ، ففسّر تخصيص الرجل بالقيمومة بتفوّقه على المرأة بـ «العقل والحزم والرأي والقوة والجهاد ، وكمال الصوم والصلاة ، والنبوة والخلافة والامامة ، والاذان والخطبة ، والجمعة والجماعة ، والشهادة في الحدود والقصاص ، وتضعيف الميراث ، وملك النكاح والطلاق ، وإليهم الانتساب ، وهم أصحاب اللحى والعمائم .. »( 43 ) ، فهل من المعقول اعتبار العمائم من الاسباب الموجبة للقيمومة ؟ ألا يكفي هذا دليلاً على الغلط ؟ .
والمتفق عليه في سبب نزول الاية عند أصحاب أسباب النزول كما أورده المفسرون ، ومنهم الشيخ الطوسي (م 460 هـ) في تفسير التبيان عن ابن جريح والحسن والسدّي وقتادة ، أن رجلاً لطم امرأته فجاءت إلى النبيّ تلتمس القصاص( 44 ) . ونقل الطبرسي في مجمع البيان عن الكلبي قال : «نزلت في سعد بن الربيع وامرأته خولة بنت محمد بن مسلمة . وعن أبي روق : نزلت في جميلة بنت عبد اللّه بن أبي أوفى وفي زوجها ثابت بن قيس ابن شماس . وعن مقاتل قال : نزلت في سعد بن الربيع وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير الانصاريين ، نشزت عليه فلطمها ، فانطلقت إلى أبيها ، فانطلق معها إلى النبي فقال : أفرشته كريمتي فلطمها ، فقال النبي : لتقتصّ من زوجها ، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فأنزل اللّه عليه هذه الاية في منع القصاص (بينهما) ، فقال النبي(صلى الله عليه وآله) : أردنا أمراً وأراد اللّه أمراً ، والذي أراد اللّه خير . ارجعوهما فهذا جبرئيل أتاني وأنزل عليّ هذه الاية ، وتلا الاية»( 45 ) .
فالاية شرّعت في مجال حق الرجل في ضرب المرأة لا مطلقاً ، بل شرط ذلك بنشوزها وعدم كفاية الوعظ والهجر ، والمفسرون والفقهاء متفقون على أنه ضرب غير مبرّح ، فهو في النتيجة ليس ضرب تعذيب ، بل ضرب تأديب لحصول الطاعة (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن اللّه كان علياً كبيراً) ، فالاية اذن أباحت للرجل ضمن حقوقه ضرب امرأته ومنعت العكس ، فقد منعت الرجل أيضاً من البغي عليها في غير مخافة نشوزها عن حقوق الزوجية ، ومن التسرّع رأساً إلى «آخر الدواء الكي» من دون استفراغ وسعه بالوعظ والنصح والارشاد ، ثم الهجر في المضجع اتماماً للحجة عليها. فمنع المرأة من المعاملة بالمثل (ان تقابله بالضرب) ، يقابله منع الرجل من الضرب المتسرّع غير المتدرّج إليه بعد الوعظ والهجر . والاية في موردها عتبت على المرأة في مطالبتها من زوجها القصاص ، وعتبت على زوجها تسرّعه إلى الضرب إن لم يكن قد راعى تدرّج المراتب ، انصافاً بينهما ، أليس كذلك ؟! .
ولعدم ورود نصوص قاطعة تقنينية تفصيلية لمظاهر القيمومة والنشوز ، اختلف الفقهاء في التفاصيل ، بعد اتفاقهم على انتقاض طاعة الرجل فيما إذا تضمّن أمره معصية ، كأن يحملها على البغاء والزنى ، أو يأمرها بترك الصلاة ، ونسج الغزالي صيغة مغلقة لها ضمن آدابه في كتاب النكاح من الاحياء حيث قال : « النكاح نوع رقّ ، فهي رقيقة له ، فعليها طاعة الزوج مطلقاً في كل ما طلب منها في نفسها مما لا معصية فيه »( 46 ) ، ولعل الغزالي وضع هذه الصيغة المغلقة متأثراً بدونية المرأة لدى بعض اللغويين القدماء ، أما القرآن فقد قال : (ولا تز وازرة وزر اخرى)( 47 ) ، فلا يزر القرآن والاسلام وزر لغة العرب القدماء ، ولا ما تأثر بها من صيغ الغزالي المغلقة ، ويكفينا جواباً عليه من القرآن الكريم قوله سبحانه : (فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف)( 48 ) ، وليس الغزالي كل الفقهاء ، ولا فتواه هو القول الفصل، إن لم يكن هنا أقرب إلى الهزل .
وإذا استمعنا إلى هذا القول من الغزالي ، فلنستمع قولاً آخر للعلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان ، فنتّبع أحسنهما : قال : «وليست قيمومة الرجل على زوجته بأن لا تنفذ لها فيما تملكه ارادة ولا تصرف ، ولا ألاّ تستقل المرأة في حفظ حقوقها الفردية والاجتماعية ، والدفاع عنها والتوصل إليها بمقدماتها الموصلة ، بل معناها أن عليها أن تطاوعه فيما يرتبط بالمباشرة والاستمتاع حضوراً ، وتحفظ غيبته فلا تخونه بأن تمتّع غيره من نفسها ما ليس له منها ، ولا تخونه فيما وضعه تحت يدها من ماله وسلّطها عليه في الحياة المنزلية والزوجية المشتركة : (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللّه)( 49 ).
وحق الزوج في طلاق زوجته ليس من جملة مظاهر قيمومة الرجل على امرأته( 50 ) ، ولا من تفريعاته( 51 ) ، وإنما هو حق مستقل لقولهم(عليهم السلام) : « الطلاق بيد الرجل »( 52 ) .

________________________________________
(38) وسائل الشيعة 20:69، ب 26، عن الكافي والفقيه والتهذيب، ط. آل البيت.
(39) راجع مجلة الهادي، ع 5، السنة الرابعة، مقال الكفاءة الزوجية في الاسلام لمحمد هادي اليوسفي الغروي.
(40) النساء:23 ـ 24.
(41) المقال السابق في مجلة النهج السورية : 28.
(42) م . ن : 18 .
(43) م . ن .
(44) التبيان 3 : 189.
(45) مجمع البيان 3:68.
(46) إحياء علوم الدين، كتاب آداب النكاح.
(47) فاطر : 18 .
(48) البقرة : 234 .
(49) الميزان 4:344 ط. بيروت، والاية 34 من النساء.
(50) المقال السابق في مجلة النهج السورية: 26.
(51) م . ن : 18 .
(52) وسائل الشيعة 22: 98، ب 41، ط. آل البيت.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page