السؤال : ورد في أحد الأخبار : أنّ معاوية أتى باثنين ، فأمرهما بسبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ففعل أحدهما فأطلقه معاوية ، وامتنع الآخر فقتله ، فلمّا سمع بذلك الإمام علي (عليه السلام) قال ما معناه : ( أمّا الأوّل فبرخصة الله أخذ ... ) ، فهل معنى هذا أنّه يجوز ترك العمل بالتقيّة ؟
وهل توجد تقيّة اسمها تقيّة تخييرية ؟
الجواب : هذه القصّة مروية عن الرسول (صلى الله عليه وآله) في رجلين عُرض عليهما البراءة منه (صلى الله عليه وآله)، فأبى أحدهما ، ووافق الآخر تقيّة ، إلى آخر القصّة .
وطبيعي أنّ التقيّة إذا اجتمعت شروطها لاشكّ في صحّتها بل وجوبها ، كما حدّث القرآن الكريم بقوله : { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً } (1) ، وقوله : { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ } (2) .
فالتقيّة هي أسلوب في التحفّظ على الحقّ ، حتّى لا يلزم إلحاق الضرر بالحقّ نفسه ، أو بأهل الحقّ إذا خيف من إظهاره ، ما لم يُخش على نفس الحقّ من الضياع ، فإذا تعرّض نفس الحقّ إلى الضياع بسبب التقيّة فلا تقيّة فيه ، وهذا ما يعبّر عنه بحفظ بيضة الإسلام ، أو بيضة الحقّ .
ثمّ إنّ الإنسان يكون في بعض المواقع مخيّراً بين التقيّة وعدمها ، وذلك من خلال موازنة المصالح والمفاسد ، فأحياناً تكون التقيّة واجبة ، وأحياناً محرّمة، وأحياناً يتخيّر الإنسان ، والظاهر من الرواية أنّ الموقع كان موقع تخيير ، وهذا هو معنى التقيّة التخييرية .
هذا بناءً على صحّة الرواية ، والله أعلم .
____________
1- آل عمران : 28 .
2- النحل : 105 .
( ... . ... . ... ) مفهومها وأنواعها
- الزيارات: 367