طباعة

( ... . مصر . 23 سنة ) لم يحصل في صلاة النبيّ

السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن كيفية صلاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ؟ وأنّه مسبل فيها غير متكتّف ؟ وإن وجدت فهل سندها قويّاً حتّى يمكن الاستشهاد بها على إخواننا أهل السنّة ؟ وشكراً جزيلاً ، ودمتم في بركة الله .
الجواب : نعم ، وردت رواية ينقلها البيهقيّ في سننه (1) ، والترمذيّ في سننه (2) ، وغيرهما (3)، ونحن نذكرها بنصّ البيهقيّ قال : ( أخبرنا أبو عبد الله الحافظ : حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ... ، قال حدّثني محمّد بن عمرو بن عطاء ، قال : سمعت أبا حميد الساعديّ في عشرة من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي .
فقال أبو حميد الساعدي : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قالوا : لِمَ ! ما كنت أكثرنا له تبعاً ، ولا أقدمنا له صحبة . قال : بلى . قالوا : فاعرض علينا .
قال : فقال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، ثمّ يكبّر حتّى يقرّ كلّ عضو منه في موضعه معتدلاً ، ثمّ يقرأ ثمّ يكبّر ، ويرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، ثمّ يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ، ثمّ يعتدل ولا ينصب رأسه ولا يقنع ، ثمّ يرفع رأسه فيقول : ( سمع الله لمن حمده ) ، ثمّ يرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، حتّى يعود كلّ عضو منه إلى موضعه معتدلاً .
ثمّ يقول : ( الله أكبر ) ، ثمّ يهوي إلى الأرض ، فيجافى يديه عن جنبيه ، ثمّ يرفع رأسه ، فيثنى رجله اليسرى فيقعد عليها ، ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ، ثمّ يعود ، ثمّ يرفع فيقول : ( الله أكبر ) ، ثمّ يثني برجله فيقعد عليها معتدلاً ، حتّى يرجع أو يقرّ كلّ عظم موضعه معتدلاً ، ثمّ يصنع في الركعة الأُخرى مثل ذلك .
ثمّ إذا قام من الركعتين كبّر ، ورفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه كما فعل ، أو كبّر عند افتتاح الصلاة ، ثمّ يصنع مثل ذلك في بقية صلواته ، حتّى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم ، أخّر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقّه الأيسر ، فقالوا جميعاً : صدق ، هكذا كان يصلّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ) .
والذي يوضّح صحّة الاجتماع به الأُمور التالية :
1ـ تصديق أكابر الصحابة ، وهذا العدد لأبي حميد يدلّ على قوّة الحديث ، وترجيحه على غيره من الأدلّة .
2ـ أنّه وصف الفرائض والسنن والمندوبات ، ولم يذكر القبض ، ولم ينكروا عليه ، أو يذكروا خلافه ، وكانوا حريصين على ذلك ، لأنّهم لم يسلّموا له أوّل الأمر أنّه أعلمهم بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل قالوا جميعاً : صدقت، هكذا كان رسول الله يصلّي ، ومن البعيد جدّاً نسيانهم وهم عشرة ، وفي مجال المذاكرة .
3ـ الأصل في وضع اليدين هو الإرسال ؛ لأنّه الطبيعي فدلّ الحديث عليه ؛ لأنّه لو كان غير ذلك لذكر .
4ـ هذا الحديث لا يقال عنه إنّه عام ، وأحاديث التكتّف خصّصته ، لأنّه وصف وعدّد جميع الفرائض والسنن والمندوبات ، وكامل هيئة الصلاة ، وهو في معرض التعليم والبيان ، والحذف فيه خيانة ، وهذا بعيد عنه وعنهم .
5ـ بعض من حضر من الصحابة قد روى أحاديث التكتّف ، فلم يعترض ، فدلّ على أنّ التكتّف منسوخ ، أو على أقلّ أحواله بأنّه جائز للاعتماد لمن طوّل في صلاته ، وليس من سنن الصلاة ، ولا من مندوباتها ، كما هو مذهب الليث ابن سعد ، والأوزاعيّ ، ومالك .

_____________
1- السنن الكبرى للبيهقيّ 2 / 72 .
2- الجامع الكبير 1 / 188 .
3- أُنظر : مسند أحمد 5 / 424 ، سنن الدارمي 1 / 313 ، سنن ابن ماجة 1 / 337 ، صحيح ابن حبّان 5 / 183 .