السؤال : هناك من يوصم الإسلام بأنّه لا يعطي الإنسان حرّية اختيار العقيدة ، إذ أنّه يحكم على من يغيّر عقيدته من الإسلام إلى غيره بالارتداد ، والارتداد حكمه القتل ، فهو يسلب منه حرّية الاختيار مسبقاً .
الجواب : إنّ الحرّية تارة مطلقة ، وأُخرى مقيّدة ، وفي الإنسان ليست حرّيته مطلقة ، بل هناك قيود ـ إمّا دينية أو اجتماعيّة أو مدنية أو ما شابه ذلك ـ فإذا خرج من نطاقها ودائرتها ، فإنّه يدخل في دائرة الحرّية الحيوانية ، فيكون كالأنعام بل أضلّ سبيلاً ، فالإنسان ليس حرّاً على الإطلاق ، بل في عين أنّه حرّ من جهات ، هو مقيّد من جهات أُخرى .
وأمّا بالنسبة إلى اختيار دين من الأديان ، فقبل أن يختار أعطاه الله حرّية الانتخاب ، وإنّه { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } لأنّه { قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ } ، فأرسل الله الأنبياء والرسل ، وأنزل الكتب ، وهدى الإنسان لنجد الخير ولنجد الشرّ ، والإنسان مختار في انتخاب أيّ الطريقين { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } (1) ، فأعطاه الاختيار ابتداءً ، ولكن بعث إليه الأنبياء ، وورثتهم من العلماء الصالحين في كلّ عصر ومصر ، حتّى يعرّفوا الحقّ من الباطل ، ويختاروا ما هو الصحيح .
وهذا كلّه من لطف الله وعدله ، فإنّ اللطف بمعنى ما يقرّب العبد للطاعة ، ويبعّده عن المعصية ، فقال للإنسان : أنت مختار ، إلاّ أنّه انتخب الدين الصحيح الذي ارتضيته لك ، لأنّ الدين دين الله ، فلابدّ أن نرى أيّ دين يطالبنا به ، وقد ثبت أنّ النبوّة قد ختمت بنبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وأنّ القرآن الكريم معجزته . وجاء في قوله تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } (2) ، وقوله : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) ، فالدين المختار والمرضي لله هو الإسلام الحنيف ، فقبل الانتخاب كان الإنسان مختاراً ، ولكن الله لا يرضى لعبده ديناً إلاّ الإسلام ، فطلب من الإنسان أن يختار الإسلام ، وهذا من الحرّية الإنسانية ، والعدالة الإلهيّة .
وبعد اختيار الإسلام المرضيّ لا يحقّ له أن يخرج منه ، لأنّ صاحب الإسلام ـ وهو الله سبحانه ـ أراد ذلك ، وأمر أنّه من يرتدّ عن دينه فإنّه يُقتل ، لأنّه يخلّ بالمجتمع الإسلاميّ، فيكون بحكم الجرثومة المضرّة ، لابدّ من القضاء عليها، وإلاّ تفسد الشيء ويفسد المجتمع ، والله المولى لا يريد فساد دينه ومجتمعه . ولا أن يكون دينه بيد عبده يوماً يختاره ويوماً يردّه ، فالمجتمع الحاكم عليه حكومة الإسلام ، من ارتدّ عنه فإنّه يُطرد منه ويُقتل ؛ لأنّه يصبح خطراً على المجتمع ، والعقل وكذلك الوحي يأمران برفع الخطر ، وقتل الجراثيم .
____________
1- الإنسان : 3 .
2- آل عمران : 85 .
3- المائدة : 3 .
( علي عباس . البحرين . ... ) المرتد يقتل لخطره على المجتمع
- الزيارات: 401