طباعة

( محسن . إيران . 27 سنة . ليسانس ) معرفة الله مقدّمة لمعرفة الإمام وبالعكس

السؤال : نقرأ في الدعاء المنقول عن الصادق (عليه السلام) : ( اللهمّ عرّفني نفسك ، فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك ... ) (1) ، فإنّ الفاء للتفريع ، فمعرفة الله والنبيّ مقدّمة لمعرفة الإمام (عليه السلام) .
مع أنّا نعلم أنّ معرفة الله غاية المعارف ، ومعرفة النبيّ والإمام مقدّمة له ، فكيف نوفّق بين هذا وبين قوله (عليه السلام) في الدعاء المأثور ؟ وشكراً .
الجواب : إنّ معرفة البارئ تعالى غاية المعارف وأجلّها بلا إشكال وبلا خلاف عند الجميع ؛ ولكن هذه المعرفة لا تتمّ ولا تكمل إلاّ من طريق معرفة الأنبياء والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ؛ لأنّهم أبواب معرفة الله تعالى ، كما جاء في أحاديث مختلفة ، هذا من جهة .
ومن جهة أُخرى ، فإنّ الأصل في جميع هذه المعارف هو التوحيد ومعرفة الله سبحانه ، إذ لا تعقل معرفة النبوّة والإمامة إلاّ من بعد معرفته جلّ وعلا .
وبعبارة واضحة : فإنّ معرفة الإمام (عليه السلام) فرع معرفة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ومعرفة النبيّ (صلى الله عليه وآله) فرع معرفة الله تعالى .
والنتيجة : أنّ المعرفة الإجمالية للتوحيد لا تتوقّف على أيّة معرفة أُخرى ، بل هي من جانب الله تعالى ، ومن هذه المعرفة تنشأ معرفة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ومنها معرفة الإمام (عليه السلام) .
ثمّ إن أردنا المعرفة التفصيلية لله تعالى ـ في حدود استيعاب عقول الممكنات ـ يجب علينا مراجعة الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) ، لأنّهم خلفاء الله سبحانه في أرضه وعباده ، فالعلم والمعرفة التامّة قد أودعها عندهم ، فهم السبيل والصراط إلى الله تعالى .
وبالجملة ، فهنا مرحلتان : إحداهما : من معرفة البارئ إلى معرفة الإمام (عليه السلام)، وهذه هي المعرفة الإجمالية .
وثانيهما : من معرفة الإمام (عليه السلام) إلى معرفة الله تعالى ، وهذه هي المعرفة التفصيلية .
فلو نظرنا إلى الأحاديث والروايات الواردة في العقائد والمعارف الإلهيّة ، لخرجنا بهذه النتيجة ؛ فإنّ منها ما تشير إلى المعرفة الإجمالية ، ومنها ما تدلّ على المعرفة التفصيلية .
وممّا ذكرنا يظهر أنّ الدعاء المذكور هو في مقام تبيين وتوضيح المرحلة الأُولى من المعرفة ، وهي المعرفة الإجمالية .


__________
1- الكافي 1 / 337 .