السؤال : أحياناً يقال : أنّ زيارة المعصوم تعادل كذا حجّة وعمرة ، أُريد أن أعرف هل هذا موجود في الروايات ؟
الجواب : من الأُمور المتعارف عليها أن يقاس بعض الأشياء بأشياء أُخرى ، إذا كان الشيء الثاني معلوماً ، فمثلاً يقاس قبح الغيبة بالزنا ، لأنّ قبح الزنا معلوم لكلّ مسلم ، بل لكلّ موحّد ، بل لكلّ عاقل ، ومعلومية الأشياء تختلف باختلاف الثقافات والأشياء ، والأعصار والأمصار كما هو واضح .
ففضيلة الحجّ والعمرة معلومة لكلّ مسلم من خلال مصدر التشريع الإسلاميّ ـ من الآيات القرآنيّة والسنّة الشريفة ـ فكان الحجّ مقياساً للفضيلة والثواب ، كما أنّ الشهيد يُعدّ من المقاييس في بيان الفضائل والأجر والثواب .
ومن هذا المنطلق ، نجد الروايات التي تخبر عن مقام الزائر للعتبات المقدّسة ، وزيارة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) لأجل بيان الثواب والأجر العظيم يقاس بالحجّ والعمرة ، والروايات في مقام العدد مختلفة ، فمثلاً في زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) ورد أنّها يكتب للزائر سبع حجج ، وفي بعضها سبعين ، وفي آخر مائة حجّة ، ومائة عمرة مقبولة ، وفي آخر مائة ألف حجّة مقبولة ، هذه الدرجات والأعداد إنّما هي باعتبار ما يحمل الزائر من المعرفة بإمامه المزور ، فمن الزائرين والزائرات ما يعطى لهم ثواب سبع حجج ، ومنهم ما يعطى لهم ثواب مائة ألف حجّة ، وهذا من الأمر الطبيعي والوجدانيّ والعقلي ، فلو كان العطاء واحداً والناس يختلفون في علمهم ومعرفتهم وثقافتهم لكان خلافاً للعدل ، بل من العدالة أن يعطى كلّ واحد بما يستحقّه ، فإنّ العدل بمعنى وضع الشيء في موضعه .
وأمّا الروايات التي فيها أجر الزائر قياساً بالحجّ ، فإليك جملة منها :
1ـ عن محمّد بن سليمان قال : سألت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام) عن رجل حجّ حجّة الإسلام ، فدخل متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ ، فأعانه الله تعالى على حجّه وعمرته ، ثمّ أتى المدينة فسلّم على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين (عليه السلام) عارفاً بحقّه ، يعلم أنّه حجّة الله على خلقه ، وبابه الذي يؤتى منه ، فسلّم عليه ، ثمّ أتى أبا عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) فسلّم عليه ، ثمّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى
(عليه السلام) ، ثمّ انصرف إلى بلاده .
فلمّا كان في هذا الوقت رزقه الله تعالى ما يحجّ به ، فأيّهما أفضل ؟ هذا الذي حجّ حجّة الإسلام يرجع أيضاً فيحجّ ، أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) فيسلّم عليه ؟ قال (عليه السلام) : ( بل يأتي خراسان فيسلّم على أبي (عليه السلام) أفضل ، وليكن ذلك في رجب ... ) (1) .
2ـ عن أبي الصلت الهروي قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : ( والله ما منّا إلاّ مقتول شهيد ) ، فقيل له : فمن يقتلك يا بن رسول الله ؟
قال : ( شرّ خلق الله في زماني يقتلني بالسمّ ، ثمّ يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة ، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّ وجلّ له أجر مائة ألف شهيد ، ومائة ألف صدّيق ، ومائة ألف حاج ومعتمر ، ومائة ألف مجاهد ، وحشر في زمرتنا ، وجعل في الدرجات العلى من الجنّة رفيقنا ) (2) .
3ـ عن أحمد البزنطي قال : قرأت كتاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : ( أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند الله عزّ وجلّ ألف حجّة ) .
قال : فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) ـ الإمام الجواد ـ : ألف حجّة ؟
قال (عليه السلام) : ( أي والله ، وألفا حجّة لمن زاره عارفاً بحقّه ) (3) .
4ـ عن سليمان بن حفص المروزي قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول : ( من زار قبر ولدي علي كان له عند الله تعالى سبعون حجّة مبرورة ) .
قلت : سبعون حجّة ؟ قال : ( نعم سبعين ألف حجّة ) ، ثمّ قال : ( ربّ حجّة لا تقبل ، من زاره أو بات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه ... ) (4) .
____________
1- عيون أخبار الرضا 1 / 289 .
2- المصدر السابق 1 / 287 .
3- ثواب الأعمال : 98 .
4- عيون أخبار الرضا 1 / 290 .
( ... . ... . ... ) كيف تعادل كذا حجّة وعمرة
- الزيارات: 395