السؤال : الملاحظ أنّكم تبذلون جهوداً جبّارة في إثبات أنّ مذهب الشيعة هو المذهب الحقّ ، لكن لديّ بعض الملاحظات : ما مدى مصداقية ما تنقلونه من نقائص في أهل السنّة ، ومنهم السلفية ، ولماذا لا يكون الدافع هو التعصّب ؟
وما رأيكم في من يقول من علمائكم : أنّ الشيعة الإمامية هي الفرقة الناجية ، وأن ماعداها كفّار من أهل النار ؟
الجواب : إنّ مدى مصداقية ما ننقله من النقائص عن أهل السنّة والسلفية ، إذا كان غير معتمدٍ على دليل ، ومن كتب أهل السنّة ، فذلك يعدّ افتراءً وبهتاناً ، أمّا إذا كان كلامنا معتمداً على دليل من نفس كتب أهل السنّة ، فأظنّ ذلك أجدر أن يكون حجّة نحتجّ بها أمام ربّنا تعالى ، ولك الحقّ أن تذكر مورداً واحداً لا يعتمد على دليل ، ومن نفس كتب أهل السنّة ، لكي نقول : نعم هذا دافعه التعصّب .
أمّا دليلنا على أنّ الفرقة الناجية هم الشيعة الإمامية ، فذلك يستند إلى دليلين ، نقلي وعقلي .
أمّا الدليل العقلي ، فيستند إلى مقدّمتين ، المقدّمة الأُولى : أنّ قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): " وستفترق أُمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كُلّها في النار إلاّ واحدة " (1) .
ومعنى ذلك : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد أشار إلى حدوث اختلاف من بعده ، تفترق فيه أُمّته إلى ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة منها ناجية .
أمّا المقدّمة الثانية : لابدّ من تشخيص الفرقة الناجية ، وتشخيصها هكذا : لمّا كان المسلمون قد افترقوا إلى عدّة مذاهب ، كُلّها تقول بإمامة أبي بكر ، وكونه هو الخليفة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، واختلفوا فيما بينهم بالجزئيات ، عدا الفرقة الإمامية الاثني عشرية ، فإنّها اختلفت معهم في تقديم علي (عليه السلام) ، ويتلوه أحد عشر إماماً ، يتبيّن لنا اتفاق جميع الفرق على مشتركٍ واحد ، وهو تقديم أبي بكر على علي (عليه السلام) ، في حين أنّ الإمامية الاثني عشرية تختلف مع الجميع في تقديم علي (عليه السلام) ، فقد تبيّن لنا تمييز فرقة واحدة تختلف مع بقية الفرق ، وهو نتيجة قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنّ هناك فرقة واحدة لابدّ أن تختلف مع الجميع ، وهي الفرقة الناجية ، فثبت أنّ الإمامية الاثني عشرية هي المختلفة مع الجميع ، وبذلك ستكون هي المشار إليها في قولـه (صلى الله عليه وآله) .
أمّا بقية الفرق الشيعية ، فتلك أكثرها منقرضة غير موجودة ، فهي ليست داخلة في مصداق الحديث الشريف ، وما بقي منها ـ كالإسماعيلية والزيدية ـ فهي غير متّفقة مع الاثني عشرية ، أمّا الزيدية فتقول بإمامة أبي بكر ، وأمّا الإسماعيلية فلا تقول بإمامة اثني عشر إمام ، فثبت أنّ المذهب الإمامي هو الذي يختلف عن بقية المذاهب الإسلامية الأُخرى ، وليس لـه معها أيّ مشترك آخر في الإمامة ، وهي الحقيقة التي تشاهدها الآن ، فإنّ جميع الفرق تقول بمشروعية غيرها ، وجميع الفرق في نفس الوقت تتّفق على عدم مشروعية الإمامية الاثني عشرية .
فثبت أنّ الفرقة التي أشار إليها النبيّ (صلى الله عليه وآله) والمختلفة مع غيرها مطلقاً ، هي الاثنا عشرية ، فهي الفرقة الناجية إذاً .
أمّا الدليل النقلي : فقد روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) بألفاظ متعدّدة ، ومضمونها أنّ شيعة علي هم الفائزون ، أي الناجون ، وشيعة علي هم الذين يقولون بإمامته ، وإمامة ولده الأحد عشر إماماً ، وهم الاثنا عشرية .
أضف إلى ذلك حديث الثقلين ، المروي متواتراً في مصادر الفريقين ، الذي يعتبر بمثابة وصية النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأُمّته ، وهو قولـه (صلى الله عليه وآله) : " إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً " ، والمتمسّك بهذه الوصية بحذافيرها هم الشيعة .
وكذلك الحديث المشهور المروي في مصادر الفريقين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " يكون بعدي اثنا عشر أميراً أو خليفة كُلّهم من قريش " ، والفرقة الوحيدة التي تعتقد بإثني عشر خليفة أو أمير هم الشيعة ، الذين عُرفوا بالاثني عشرية ، فثبت أنّ الفرقة الناجية هم الاثنا عشرية ، بالدليلين العقلي والنقلي .
_____________
1- سنن الدارمي 2 / 241 ، سنن ابن ماجة 2 / 1322 ، سنن أبي داود 2 / 390 ، الجامع الكبير 4 / 135 ، المستدرك 1 / 128 ، المعجم الكبير 8 / 273 .
الفرقة الناجية ( صلاح . ... . سنّي ) الشيعة الإمامية هم الفرقة الناجية
- الزيارات: 577