السؤال : إلى الإخوان العاملين في مركز الأبحاث ، تحية طيّبة ، أشكركم على الإجابة السابقة ، وإن تأخّرت بعض الشيء .
سؤالي لكم كالتالي : هل الشفاعة تشمل أهل المعاصي الذين ماتوا عليها غير تائبين ؟ وهل تشمل كُلّ موحّد وإن كان من الذين نصبوا العداء لأهل البيت (عليهم السلام) ؟
الجواب : إنّ بحث الشفاعة بحث علمي ودقيق ، وللوقوف على أصلها وحدودها نحتاج إلى تفصيل وإطناب في الكلام ، فلا يسعنا تصوير البحث بنحو تامّ ، ولكن نجيب على سؤالك بالإجمال .
أوّلاً : الظهور الأوّلي المتبادر من مفهوم الشفاعة ، هو شمولها لأهل المعاصي غير التائبين ، إذ إنّ التائب حقيقةً لا ذنب لـه ، فلا يحتاج إلى شفاعة في ذلك المورد .
مضافاً إلى أنّ بعض الروايات الواردة في المقام تصرّح بهذا المعنى ، قال (صلى الله عليه وآله) : " إنّ شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي " (1) .
ثانياً : إنّ شمول الشفاعة للعاصين يختلف باختلاف المعاصي والعصاة في كيفية صدور المعصية عنهم وكمّيتها ؛ فمنهم من تناله الشفاعة في بادئ الأمر ، ومنهم من لا يليق لهذه المكرمة إلاّ بعد مسّه النار وتطهيره ، ومنهم بين ذلك .
ثالثاً : بحسب الأدلّة النقلية فإنّ الشفاعة بمراتبها المختلفة مشروطة بوجود مؤهّلات ومواصفات في المشفوع لهم ، منها : التوحيد وعدم الشرك .
ومنها : الإسلام والإيمان .
ومنها : محبّة أهل البيت (عليهم السلام) وعدم العداء لهم .
ومنها : عدم الاستخفاف بالصلاة .
ويدلّ على ذلك كُلّه الأخبار الواردة في المقام ، نذكر بعضها :
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " إنّ المؤمن ليشفع لحميمه ، إلاّ أن يكون ناصباً ، ولو أنّ ناصباً شفع لـه كُلّ نبي مرسل وملك مقرّب ما شفعوا " (2) .
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً : " لا ينال شفاعتنا من استخفّ بالصلاة " (3) .
____________
1- المستدرك 2 / 382 .
2- المحاسن 1 / 186 .
3- الكافي 3 / 270 و 6 / 401 ، تهذيب الأحكام 9 / 107 .