السؤال : ما هي حقيقة الشهادة الثالثة ؟ وهل وصّى بها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، أم أنّها أضيفت بعد فترة ؟
الجواب : قد اتفق علماء الشيعة على جواز الشهادة الثالثة في الأذان ، ثمّ ذهب بعضهم إلى أنّها جزء مستحبّ من أجزاء الأذان ، كما هو الحال في القنوت بالنسبة إلى الصلاة .
وذهب أكثر علمائنا إلى أنّها مستحبّة لا بقصد الجزئية ـ أي ليست جزءً ، ولا فصلاً من فصول الأذان ـ مستفيدين الاستحباب من بعض العمومات والإطلاقات في الروايات المؤكّدة على المقارنة بين اسم النبيّ (صلى الله عليه وآله) واسم الإمام علي (عليه السلام) ، كما هو الحال في الصلاة على محمّد وآل محمّد بعد الشهادة الثانية .
من تلك العمومات والإطلاقات :
1ـ عن القاسم بن معاوية ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " فإذا قال أحدكم : لا اله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، فليقل : علي أمير المؤمنين " (1) ، والحديث لم يتقيّد بزمان ولا مكان ، ولا في فعل خاصّ ، فهو عام يشمل الأذان وغيره .
2ـ عن أبي الحمراء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : " لمّا أسري بي إلى السماء نظرت إلى العرش ، فإذا عليه مكتوب : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به " (2) .
3ـ عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : " يا عبد الله أتاني ملك فقال : يا محمّد ، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا ؟ قال : قلت : على ما بعثوا ؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب " (3) .
4ـ عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : " لو علم الناس متى سمّي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله ، سمّي أميراً وآدم بين الروح والجسد ، قال الله تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ }(4) قالت الملائكة : بلى ، فقال تبارك وتعالى : أنا ربّكم ومحمّد نبيّكم وعلي أميركم " (5) .
ففي كُلّ مورد يذكر رسول الله يذكر علي معه ، والأذان من جملة الموارد ، ومن شواهدها من كتب أهل السنّة قولـه (صلى الله عليه وآله) لعلي : " ما سألت ربّي شيئاً في صلاتي إلاّ أعطاني ، وما سألت لنفسي شيئاً إلاّ سألت لك " (6) .
والخلاصة : إنّ الشهادة لعلي (عليه السلام) بالولاية في الأذان ـ عند أكثر علمائنا ـ مكمّلة للشهادة الثانية بالرسالة ، ومستحبّة في نفسها ، وإن لم تكن جزءً من الأذان .
ونلفت انتباهكم إلى أنّ ما قد يفهم من ظاهر كلمات بعض الأعلام من منعها في الأذان ، فهو وقوعها على نحو الجزئية ، لا على نحو أنّها مستحبّة في نفسها .
جعلنا الله وإيّاكم من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) .
____________
1- الاحتجاج 1 / 231 .
2- مناقب أمير المؤمنين 1 / 244 ، شرح الأخبار 1 / 210 ، المعجم الكبير 22 / 200 ، شواهد التنزيل 1 / 298 ، جواهر المطالب 1 / 92 ، ينابيع المودّة 1 / 69 و 2 /160 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 336 ، تهذيب الكمال 33 / 260، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 174 .
3- شواهد التنزيل 2 / 223 ، كشف الغمّة 1 / 318 .
4- الأعراف : 172 .
5- فردوس الأخبار 2 / 197 .
6- السنن الكبرى للنسائي 5 / 151 ، خصائص أمير المؤمنين : 125 ، ذخائر العقبى : 61 ، مجمع الزوائد 9 / 110 ، كتاب السنّة : 582 ، أمالي المحاملي : 203 و 367 ، المعجم الأوسط 8 / 47 ، نظم درر السمطين : 119 ، كنز العمّال 11 / 625 و 13 / 151 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 310 ، المناقب : 110 ، جواهر المطالب 1 / 239 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 298 ، ينابيع المودّة 2 / 149 .
( السيّد علي رضا . ... . ... ) الأدلّة على جوازها
- الزيارات: 396