السؤال : لله الحمد أنّنا مسلمون ، ومنّ الله علينا بالإسلام .
سؤالي : أُريد دليلاً على أنّ الأذان الحالي عندكم هو ما كان عليه في صدر الإسلام ، وعهد الرسول (صلى الله عليه وآله) .
الجواب : إنّ الأذان الموجود عند الشيعة ـ بحسب الأحاديث التي وصلتهم ـ هو ما كان في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، مضافاً إلى تأييد هذه الصورة من الأذان في كتب أهل السنّة ، فنذكر لك فيما يلي مواضع الاختلاف بين فصول أذان الشيعة وأذان السنّة ، وما يدلّ عليها من مصادركم :
1ـ التكبير في أوّل الأذان بنظر الشيعة أربع مرّات ، ويوافقنا في ذلك الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري (1) .
مضافاً إلى ورود رواية من طرق السنّة تصرّح بهذا الحكم ، فعن محمّد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جدّه قال : قلت : يا رسول الله علّمني سنّة الأذان ، فمسح مقدّم رأسه ، وقال : " تقول : الله أكبر ... " (2) فذكر التكبير أربع مرّات .
وأيضاً أنّ الحديث الذي هو المستند في تثنية التكبير لا دلالة لـه أصلاً ، بل هو إخبار عن المنام ، فهو كما ترى !! (3) .
2ـ أطبقت الشيعة الإمامية على تثنية التهليل في آخر الأذان ، ويدلّ عليه من كتب أهل السنّة ، ما ورد من أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بلالاً أن يشفّع الأذان (4) .
3ـ التثويب بدعة عند الشيعة في الصبح وغيره ، ويوافقنا في ذلك الشافعي في أحد قوليه (5) .
ويؤيّد هذا الرأي بما روي في الصحيح عن أذان النبيّ (صلى الله عليه وآله) خالٍ عن التثويب (6) .
وروى ابن أبي شيبة : أنّ الأسود بن يزيد كان يعترض لزيادة هذه الفقرة في الأذان (7) .
وروى الترمذي : إنكار ابن عمر على من زادها في الأذان ، باعتبارها بدعة(8) .
وعن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال حين سمعها : " لا تزيدوا في الأذان ما ليس منه " (9) .
4ـ أجمعت الشيعة على ذكر فقرة " حيّ على خير العمل " في الأذان ، وممّا يدلّ عليها : أنّ عمر نهى عنها ـ وهو على المنبر ـ إذ قال : أيّها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول الله ، أنا أنهى عنهنّ ، وأُحرمهنّ وأُعاقب عليهنّ وهي : متعة النساء ، ومتعة الحجّ ، وحيّ على خير العمل (10) ، وهذا الكلام منه دليل ورود هذه الفقرة " حيّ على خير العمل " في أذان النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
وورد أيضاً أنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) وابن عمر كانا يقولان في الأذان بعد حيّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل (11) .
وأيضاً جاء عن بلال أنّه كان يؤذّن بالصبح فيقول : حيّ على خير العمل (12) .
5ـ المستحبّات الواردة قبل البدء في الأذان وبين فقراتها كثيرة ، كقول بعض المؤذّنين في الابتداء : " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ... " ، أو الصلاة بعد ذكر النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
ثمّ إنّ من المستحبّات الشهادة لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالولاية بعد الشهادتين .
فالشيعة لا ترى هذه الفقرة جزءً أو فصلاً من الأذان ، بل هي ذكر مستحبّ ، لورود أحاديث كثيرة في مصادر أهل السنّة ، قرنت بين اسم النبيّ (صلى الله عليه وآله) وبين اسم علي (عليه السلام) (13) .
أضف إلى ذلك ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " هو وليّ كُلّ مؤمن من بعدي " (14) .
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً : " أنا وهذا حجّة على أمّتي يوم القيامة " (15) .
وأخيراً : { أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحقّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } (16) .
____________
1- أُنظر : المجموع 3 / 90 ، فتح العزيز 3 / 160 ، مختصر المزني : 12 ، مغني المحتاج 1 / 135 ، المغني لابن قدامة 1 / 415 ، بداية المجتهد 1 / 88 .
2- سنن أبي داود 1 / 121 ، تحفة الأحوذي 1 / 486 ، صحيح ابن حبّان 4 / 578 ، المعجم الكبير 7 / 174 ، تهذيب الكمال 26 / 23 ، السنن الكبرى للبيهقي 1 / 394 .
3- أُنظر : الجامع الكبير 1 / 122 ، صحيح ابن خزيمة 1 / 189 ، أُسد الغابة 3 / 166 .
4- صحيح البخاري 1 / 150 ، صحيح مسلم 2 / 2 ، سنن ابن ماجة 1 / 241 ، الجامع الكبير 1 / 124 ، سنن الدارمي 1 / 270 ، سنن أبي داود 1 / 125 ، سنن النسائي 2 / 3 .
5- الأُم 1 / 104 ، المجموع 3 / 92 ، فتح العزيز 3 / 169 ، مختصر المزني : 12 ، بدائع الصنائع 1 / 148 .
6- صحيح مسلم 2 / 3 .
7- المصنّف لابن أبي شيبة 1 / 237 .
8- الجامع الكبير 1 / 128 ، السيرة الحلبية 2 / 135 .
9- نيل الأوطار 2 / 18 .
10- شرح تجريد العقائد : 374 .
11- السيرة الحلبية 2 / 137 ، السنن الكبرى للبيهقي 1 / 424 ، المصنّف للصنعاني 1 / 464 ، المصنّف لابن أبي شيبة 1/ 244 ، مسند زيد بن علي : 93 .
12- السنن الكبرى للبيهقي 1 / 425 ، المعجم الكبير 1 / 352 ، كنز العمّال 8 / 342 .
13- مناقب أمير المؤمنين 1 / 244 ، شرح الأخبار 1 / 210 ، المعجم الكبير 22 / 200 ، شواهد التنزيل 1 / 298 ، جواهر المطالب 1 / 92 ، ينابيع المودّة 1 / 69 و 2 / 160 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 336، تهذيب الكمال 33 / 260 ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 174 .
14- فضائل الصحابة : 15 ، المستدرك 3 / 134 ، مسند أبي داود : 111 و 360 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 504 ، الآحاد والمثاني 4 / 279 ، كتاب السنّة : 550 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 45 و 126 و 132 ، خصائص أمير المؤمنين : 64 و 97 ، مسند أبي يعلى 1 / 293 ، صحيح ابن حبّان 15 / 374 ، المعجم الكبير 12 / 78 و 18 / 129 ، نظم درر السمطين : 79 و 98 ، موارد الظمآن : 543 ، كنز العمّال 11 / 599 و 607 و 13 / 142 ، فيض القدير 4 / 471 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 100 و 198 ، أُسد الغابة 4 / 27 ، سير أعلام النبلاء 8 / 199 ، الإصابة 4 / 467 ، الجوهرة : 64 ، البداية والنهاية 7 / 381 ، المناقب : 127 و 153 ، جواهر المطالب 1 / 212 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 291 ، ينابيع المودّة 1 / 112 و 2 / 78 و 86 و 159 و 236 و 398 و 490 و 3 / 364 .
15- كنز العمّال 11 / 620 ، تاريخ بغداد 2 / 86 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 309 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 292 .
16- يونس : 35.
( طلال . الكويت . سنّي ) أذان الشيعة من مصادر أهل السنّة
- الزيارات: 474