طباعة

( أبو أيمن علي . الجزائر . سنّي ) تساؤلات

السؤال : أنا من المداومين على قراءة كتب إخواننا الشيعة وأشرطتهم ، خصوصاً المستبصرين منهم ، وأحاول جهدي الاقتناع بمحصّلاتهم العقائدية ، لكنّني ألاحظ عليهم الكثير من التحفّظات ، وهي كالتالي : مواقفهم المبدئية من بعض الصحابة ، تجعلهم يرمونهم بأيّ كان من النقائص ، كتفسيرهم مثلاً لحادثة الإفك ، والغار ، وغيرها كثير .
ألا تعتقدون أنّ ما تقومون به في هذا الموقع يعمّق فجوة الخلاف بين المسلمين ؟
ألا تعتقدون الإخوّة في قناة المنار قدوة لكم في حرصهم على الوئام الإسلامي ؟ وهناك أسئلة كثيرة أتمنّى أن يتّسع صدركم لها ، ودمتم في رعاية الله .
الجواب : نحيّي فيكم هذه الروح الشفّافة ، والتطلّع والبحث في كتب الشيعة والمستبصرين منهم ، وهذا كُلّه إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على وجود روح البحث والتحقيق عندكم ، والتجرّد عن تقليد الموروث بلا دليل ، وهذه صفة قلّ من يتّصف بها في عصرنا الحاضر .
وأمّا تحفّظاتكم في مسألة الصحابة ، فإنّ البحث في هذا الموضوع لابدّ وأن يبحث فيه بحثاً مبنائياً ، نشرع فيه من بداية الهرم وحتّى منتهاه ، وبداية الهرم هو مسألة كون الصحابة جميعاً عدول ، وهنا عندنا بعض التحفّظات والأسئلة :
1ـ هل الصحابة معصومون ؟
2ـ إذا قلنا : لا ، فكيف نثبت عدالتهم ككُلّ ؟!
3ـ هل فيهم من قتل بعضهم بعضاً ؟
4ـ هل فيهم مَن كفّر بعضهم بعضاً ؟
5ـ هل فيهم من لعن وسبّ وشتم بعضهم بعضاً ؟
6ـ إذا كان كُلّ هذا موجود ، فكيف نقول بعدالتهم جميعاً ؟!
7ـ مَن هم المنافقون ؟
8 ـ هل المنافق كافر ؟
9ـ أم المنافق مَن أظهر الإسلام وأبطن الكفر ؟
10ـ هل الآيات الواردة في المنافقين تقصد بعض الصحابة ؟
11ـ إذاً مَن هم المنافقون من الصحابة ؟!
12ـ ألم يضعّف علماء الحديث : " أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم " ورموه بالوضع ؟! (1) .
13ـ هل أنّ ما استدلّ من آيات على عدالة الصحابة ، هل هو صريح أو يدلّ على عدالة جميعهم ، إذ بحثنا في الكُلّ ؟
وبعد كُلّ هذا ، فإذا لم نستطع أن نثبت عدالة جميع الصحابة ، يحقّ لنا بل يجب أن نبحث في حالاتهم وخصوصياتهم ، فمن ثبتت عدالته فهو الصحابي الذي يقتدى به ، ونطمئن بما ينقله من أحاديث ، ومن لم تثبت عدالته وغيّر وبدّل ، فإنّه ليس فقط لا يستحقّ الاقتداء به ، وأخذ معالم الدين منه ، بل يستحقّ لعنة الله والرسول والمؤمنين .
وفي الختام : كما أنّنا نقدّر ما تقوم به قناة المنار من الحفاظ على الوحدة الإسلامية ، والتقريب بين المذاهب ، وهذا فرض على الجميع ، عقيدة نعتقد بها ، ولكن لا ينافي هذا الجلوس على طاولة الحوار الهادئ الهادف ، الحوار الأخوي ، وذلك للوصول إلى نتيجة فيما اختلفنا فيه ، فإن توصّلنا إلى نتيجة فهو المطلوب ، وإلاّ فإنّ اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية .
هذا ، وإنّ وحدتنا وتقاربنا الظاهري مع الاعتراف بوجود اختلافات أساسية ، ومن دون أن نوجد الجوّ الهادئ للحوار الهادف قربة إلى الله ، فإنّ هكذا وحدة سوف لن تستمرّ ، لأنّ الاختلافات ستظهر وستؤثّر ، وربما لو ظهرت ستكون شديدة بعض الشيء ، لأنّ الإخفاء سيولد الكبت ، والكبت يولد الانفجار .


______________
1- لسان الميزان 2 / 137 و 312 .