السؤال : لماذا في مذهبنا الشيعي دائماً يكون إمام الجماعة عالم دين ؟ ولا تصحّ الصلاة إلاّ إذا كنت تعرفه وتطمئن إليه ؟
أمّا عند إخواننا السنّة فكُلّ مسلم يمكن أن يكون إمام جماعة ـ سواء كان ملتزماً أو غير ملتزم ، طاهر المولد أو لا ـ فأرى أنّهم على صواب ، فصلاة الجماعة لها ثواب عظيم ، فهم أين ما ذهبوا يصلّون جماعة .
نرجو أن تبصرونا حول هذا الموضوع ، ونشكركم على هذه الجهود الجبّارة .
الجواب : الصلاة جماعة عندنا تصحّ خلف كُلّ مكلّف بالغ ، فيحقّ لأيّ شخص التقدّم لإمامة جماعة من الناس ـ سواء كان عالماً أو غير عالم ، مرتدياً لزي العلماء أو غير مرتدٍ لذلك الزي ـ لكن عندنا لإمام الجماعة شروط يجب تحقّقها ، منها : عدالته ، فلا تصحّ الصلاة خلف الفاسق ، والفقهاء إنّما استفادوا وجوب هذا الشرط في إمام الجماعة من خلال أدلّة من الكتاب والسنّة .
فمن الكتاب : قولـه تعالى : { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } (1) ، والفاسق ظالم لقولـه تعالى : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } (2) ، والائتمام ركون ، لأنّ معنى الركون هو الميل القليل .
ومن الروايات : قول الإمام الصادق (عليه السلام) : " لا تصلّ خلف الغالي وإن كان يقول بقولك ، والمجهول والمجاهر بالفسق ، وإن كان مقتصداً " (3) .
ومنها : قيل للإمام الرضا (عليه السلام) : رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر ، أُصلّي خلفه ؟ قال : " لا " (4) .
ومنها : قيل لأبي جعفر (عليه السلام) : إنّ مواليك قد اختلفوا ، فأُصلّي خلفهم جميعاً ؟ قال : " لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه " (5) .
فعلى هذا الشرط يمكن لك إذا كنت تحرز في نفسك العدالة أن تصلّي بالناس جماعة ، أو تصلّي خلف أيّ شخص تثق بعدالته ، مع تحقّق الشروط الأُخرى لصلاة الجماعة ، من كونه صحيح القراءة ، بالغاً عاقلاً مؤمناً ، وولادته شرعية ، ذكراً إذا كان المأموم ذكراً ، فهذه الشروط يمكن أن تتحقّق في كثير من الناس ، وليست هي متحققّة فقط في رجل الدين ، بل رجل الدين هو أحد المصاديق .
نعم بعض العلماء يذكرون تحديد الإمام بالمتلبّس بزي العلماء ، إذا كان موجوداً في الجماعة ، ولا يصحّ لغيره أن يكون إماماً وهو مأموم ، وهو من باب حفظ مقام العلماء ، ودوام نظام معتنقي مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، وأنّ العالم هو المركز الذي تدور عليه كُلّ أُمور الجماعة .
وأمّا عند أهل السنّة فإنّهم لكي يصحّحوا صلاة من تسلّط على رقاب المسلمين ، أفتوا بصحّة الصلاة خلف كُلّ بر وفاجر ، حتّى عمّ وانتشر هذا التساهل في الإمام ، ووصل إلى وقتنا الحاضر ، وإن كان منشأه سياسياً .
____________
1- هود : 113 .
2- الطلاق : 1 .
3- تهذيب الأحكام 3 / 31 و 282 .
4- المصدر السابق 3 / 31 .
5- الكافي 3 / 374 ، تهذيب الأحكام 3 / 266 .