السؤال : ما هو دليل العامّة على مشروعية صلاة التراويح ؟ وما هو ردّنا العلمي على ذلك ؟
الجواب : ابتدع أهل السنّة صلاة التراويح ـ وهي قيام ليالي شهر رمضان جماعة ـ ودليلهم : أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي جمع الناس على إمام واحد ، ولم يشرّعها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولم يسنّها بل كانت سنّة عمر .
على أنّ عمر بن الخطّاب قال معترفاً بأنّها ليس من تشريع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل هي بدعةً ابتدعها ، إلاّ أنّه وصفها أنّها بدعة حسنة .
قال عبد الرحمن بن عبد القاري : " خرجت مع عمر بن الخطّاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرّقون ، يصلّي الرجل لنفسه ، ويصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط.
فقال عمر : إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمّ عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ، قال : ثمّ خرجت معه في ليلة أُخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم ، فقال عمر : نعمت البدعة هذه ... " (1) .
على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان قد نهى عنها ، وإليك ما رواه البخاري : حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد قال : حدّثنا وهيب قال : حدّثنا موسى بن عقبة ، عن سالم أبي النضر ، عن بسر بن سعيد ، عن زيد بن ثابت : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اتخذ حجرة ، قال : حسبت إنّه قال : من حصير في رمضان فصلّى فيها ليالي ، فصلّى بصلاته ناس من أصحابه ، فلمّا علم بهم جعل يقعد ، فخرج إليهم فقال : " قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم ، فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ، فإنّ أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة " (2) .
وأنت ترى صراحة نهي النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن الإتيان بهذه الصلاة ، ومن ثمّ اعترف عمر بأنّها لم تسنّ من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بل ابتدعها من عنده ، علماً أنّ البدعة : الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال .
ومن الغريب تقسيم ابن الأثير البدعة إلى بدعتين : بدعة هدى وبدعة ضلال ، وقال : " وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله (صلى الله عليه وآله) ، ومن هذا النوع قول عمر : نعمت البدعة هذه ، لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيّز المدح سمّاها بدعة ومدحها ، لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يسنّها لهم ، وإنّما صلاّها ليالي ثمّ تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها ... " (3) .
وهذا كما ترى من غريب ما يعتذر به ، فاعترافه بدعة وإنّها لم يأمر بها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولم يسنّها ، دليل كاف على أنّها بدعة ، وكُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة في النار .
هذا ما رووه أهل السنّة فضلاً عن الشيعة ، فكيف تكون بعد ذلك البدعة نوعان : بدعة هدى وبدعة ضلال ؟ وهذا العذر يمكن أن يعتذر به كُلّ أحد ، فإذا قلنا للسارق لماذا سرقت ؟ قال : السرقة نوعان : سرقة حرام وسرقة حلال ، وهذه سرقتي حلال ، فعلتها طلباً لقوت أطفالي ، وهكذا يمكن أن يفتح باباً للاعتذار عن كُلّ ذنب ومعصية ، ولا يحقّ لأحد الاعتراض عليه بعد ذلك .
على أنّه يمكن لأيّ أحد أن يبتدع صلاةً معيّنة ، أو عملاً معيّناً ويقول : هي بدعة ، ولكن نعمت البدعة هذه ... كما فعل من قبلي عمر !!
وأنت تعلم أنّ العبادة أمر توقيفي ، أي أنّها موقوفة من قبل الشارع ، فما لم يأمر به الشارع فلا يجوز الإتيان به ، فكيف نتعبّد بأمرٍ نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!
أليس العبادة هي التقرّب إلى الله تعالى ، فكيف نتقرّب إلى الله بشيء مبغوض ، فإنّ الأمر المنهي عنه مبغوض عند الله ، إذ لا ينهي النبيّ عن شيء إلاّ كونه مبغوض ، فكيف نتقرّب إلى الله بشيء مبغوض ؟!
وهل فات النبيّ (صلى الله عليه وآله) تشريع صلاة التراويح ؟ إذا كانت مندوبة عند الله تعالى ومطلوبة ، فهل غفل عن ذلك النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسبقه إلى ذلك عمر ؟! سؤال نطرحه إلى كُلّ من رأى محبوبية صلاة التراويح وتشريعها .
فإننا أتباع سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس سنّة أحد ، فكُلّ سنّة دون سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدعة ، وكُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة في النار .
أعاذنا الله وإيّاك من البدع ، ووفّقنا للعمل بسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله) .
___________
1- المغني لابن قدامة 1 / 798 ، تحفة الأحوذي 3 / 450 ، نصب الراية 2 / 174 ، كنز العمّال 8 / 407 ، تلخيص الحبير 4 / 247 ، كتاب الموطّأ 1 / 114 ، تنوير الحوالك : 137 ، الشرح الكبير 1 / 747 ، نيل الأوطار 3 / 63 ، صحيح البخاري 2 / 252 ، فتح الباري 4 / 219 ، المصنّف للصنعاني 4 / 259 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 155 .
2- صحيح البخاري 1 / 178 .
3- النهاية في غريب الحديث 1 / 106 .
( محمّد . عمان . 22 سنة . طالب جامعة الطبّ ) أدلّة مشروعيتها عند أهل السنّة
- الزيارات: 374