• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( عبد الله . الكويت . 28 سنة . خرّيج ثانوية ) تعقيب على الجواب السابق

السؤال : تحية طيّبة ، وبعد :
أقول : لقد تقدّم القول : إنّ البدعة ـ في المعنى الاصطلاحي الشرعي ـ هي إدخال ما ليس من الدين في الدين ، وهذا التعريف ـ أي الإدخال في الدين ـ يحتمل معنى الزيادة ومعنى الإنقاص أيضاً .
ولنبدأ بتعريف صلاة التراويح : هي النافلة جماعة في ليالي شهر رمضان ، وإنّما سمّيت تراويح للاستراحة فيما بعد كُلّ أربع ركعات .
نبحث بما روى عن الرسول (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " أيّها الناس إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في الجماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلّوا صلاة الضحى فإنّ تلك معصية ، ألا فإنّ كُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة سبيلها إلى النار " ثّم نزل (صلى الله عليه وآله) وهو يقول : " قليل في سنّة خير من كثير في بدعة " (1) .
وروي عن زيد بن ثابت قال : احتجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجيرة مخصفة أو حصيراً ، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليها ، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلّون بصلاته ، ثمّ جاءوا إليه فحضروا ، وأبطأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنهم ، فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج إليهم مغضباً ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " ما زال بكم صنيعكم حتّى ظننت أنّه سيكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإنّ خير صلاة المرء في بيته ، إلاّ الصلاة المكتوبة " (2).
وعن أنس قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلّي في رمضان ، فجئت فقمت إلى جنبه ، وجاء رجل فقام أيضاً حتّى كنّا رهط ، فلمّا أحسّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّا خلفه جعل يتجوّز في الصلاة ، ثمّ دخل رحله فصلّى صلاة لا يصلّيها عندنا ، قال : قلنا لـه حين خرج : أفطنت بنا الليلة ؟ فقال : " نعم ، ذاك الذي حملني على الذي صنعت " (3) .
وعن أبي سلمة ، أنّه سأل عائشة : كيف كانت صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رمضان ؟
فقالت : ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يزيد في رمضان ولا في غيرها على إحدى عشرة ركعة ، يصلّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثمّ يصلّي أربعاً فلا تسألوا عن حسنهن وطولهن ، ثمّ يصلّي ثلاثاً .
فقالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، أتنام قبل أن توتر ؟ قال : " يا عائشة ! إنّ عيني تنامان ، ولا ينام قلبي " (1) .
وسُئل عمر عن الصلاة في المسجد فقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " الفريضة في المسجد ، والتطوّع في البيت " (2) .
ومثل هذه الأحاديث الصحيحة كثيرة جدّاً في كتب أرباب الحديث ، ولكن الغريب أنّ بعضهم قال : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أتى بها ثمّ تركها من غير نسخ ، وهو يتعارض مع قولـه (صلى الله عليه وآله) : " فعليكم بالصلاة في بيوتكم " ، وقولـه (صلى الله عليه وآله) : " ذلك الذي حملني على الذي صنعت " ، وغضبه لاجتماعهم في النافلة ، لا يعني مطلقاً أنّ التراويح كانت عملاً جائزاً .
والأغرب من هذا كُلّه ، أنّ كتب الحديث والتاريخ تقول : أنّ صلاة التراويح من مبدعات عمر بن الخطّاب ... فلماذا هذه الدعاوى وهذه التعاليل ؟!
ولذا ، فإنّ صلاة التراويح لم يشرّعها الشارع المقدّس بل هي بدعة ، وقد روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " من رغب عن سنّتي فليس منّي " (3) .
ومن أقوال علماء أهل السنّة بأنّ صلاة التراويح هي من فعل عمر بن الخطّاب ، وليست من عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال أبو الوليد محمّد بن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 33 من تاريخه : " هو أوّل من نهى عن بيع أُمّهات الأولاد ، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز ، وأوّل من جمع الناس على إمام يصلّي بهم التراويح ، الخ " .
ولما ذكر السيوطي في تاريخه أوّليات عمر نقلاً عن العسكري قال : " هو أوّل من سمّي أمير المؤمنين ... ، وأوّل من سنّ قيام شهر رمضان ـ بالتراويح ـ ... ، وأوّل من حرّم المتعة ... ، وأوّل من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات ... " (1) .
وقال ابن سعد : " وهو أوّل من سنّ قيام شهر رمضان ـ بالتراويح ـ وجمع الناس على ذلك ، وكتب به إلى البلدان ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، وجعل للناس بالمدينة قارئين ، قارئاً يصلّي بالرجال ، وقارئاً يصلّي بالنساء ... " (2) .
وقال الشوكاني : " وقال مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم : الأفضل فرادى في البيت لقولـه (صلى الله عليه وآله) : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة " متّفق عليه.
وقالت العترة : إنّ التجميع فيها بدعة (3) .
أضف إلى هذا ، أنّ إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظّها من البركة والشرف بالصلاة فيها ، ويمسك عليها حظّها من تربية الناشئة على حبّها والنشاط لها ، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأُمّهات ، والأجداد والجدّات ، وتأثيره في شدّ الأبناء إليها شدّاً يرسخها في عقولهم وقلوبهم .
وقال عبد الله بن سعد : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيّما أفضل : الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : " ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد ! فلأن أصلّي في بيتي أحبّ إليّ من أن أصلّي في المسجد ، إلاّ أن تكون صلاة مكتوبة " (4) .
وعن زيد بن ثابت : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ... فقال (صلى الله عليه وآله) : " ... فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته ، إلاّ الصلاة المكتوبة " (1) .
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم " (2) .
وعنه (صلى الله عليه وآله) قال : " مثل الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحيّ والميت " (3) .
وعن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده ، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته ، فإنّ الله جاعل في بيته من صلاته خيراً " (4) .
وما روي عن ابن أبي الحديد : أنَّ الإمام (عليه السلام) بعث الحسن (عليه السلام) ليفرّقهم عن الجماعة في نافلة رمضان .
ففي شرح النهج : " روي أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة فتركوه ، واجتمعوا لأنفسهم وقدّموا بعضهم ، فبعث إليهم ابنه الحسن (عليه السلام) ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : وا عمراه " (5) .
ومن خلال التأمّل في الروايات المتقدّمة ، تراها أجمعت على النهي عن أداء صلاة التراويح جماعة ، غاية الأمر أنَّ بعض الروايات أرجعت النهي إلى أسباب خشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تكتب عليهم أي أن تفرض عليهم فتكون جزءً من التشريع بتلك الكيفية .
فأعترف بأنّها بدعة وخلاف السنّة ، وهم يروون عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " كُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة في النار " (1) .
وأقول لمن يريد الحقّ : فليراجع المصادر ، ويبتعد عن التعصّب والجاهلية ، وليعلم بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه : " ذَرُوني ما تركتكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، ما نهيتكم عنه فانتهوا ، وما أمرتكم فأتوا منه ما استطعتم " (2) ، ثمّ يقول في الحديث التالي : " مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصى الله " (3) .
ويقول الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَا نْتَهُوا } (4) ، وقال أيضاً : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } (5) .
وأخيراً ، نسأل الله تعالى أن يجمعنا على كلمة الحقّ .



____________
1- من لا يحضره الفقيه 2 / 137 ، الاستبصار 1 / 468 ، تهذيب الأحكام 3 / 70 .
2- صحيح البخاري 7 / 99 ، صحيح مسلم 2 / 188 ، المعجم الكبير 5 / 144 .
3- صحيح مسلم 3 / 134 .
4- الموطّأ 1 / 120 ، صحيح البخاري 2 / 47 و 252 ، صحيح مسلم 2 / 166 ، سنن أبي داود 1 / 301 .
5- الجامع الصغير 2 / 231 ، كنز العمّال 7 / 771 و 8 / 384 .
6- صحيح البخاري 6 / 116 ، صحيح مسلم 4 / 129 ، سنن النسائي 6 / 60 .
7- الإمامة والسياسة : 126 .
8- الطبقات الكبرى 3 / 281 .
9- نيل الأوطار 3 / 60 .
10- سنن ابن ماجة 1 / 439 ، الآحاد والمثاني 2 / 145 ، مسند الشاميين 2 / 159 .
11- مسند أحمد 5 / 182 ، صحيح البخاري 1 / 178 و 8 / 142 ، سنن النسائي 3 / 198 ، السنن الكبرى للبيهقي 2 / 494 و 3 / 109 .
12- المستدرك 1 / 313 ، المصنّف للصنعاني 1 / 393 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 213 ، الجامع الصغير 1 / 212 .
13- مسند أبي يعلى 13 / 291 ، الجامع الصغير 2 / 528 ، كشف الخفاء 2 / 197 .
14- مسند أحمد 3 / 316 ، صحيح مسلم 2 / 187 ، المصنّف لابن أبي شيبة 2 / 157 ، مسند أبي يعلى 3 / 446 .
15- شرح نهج البلاغة 12 / 283 .
16- سنن النسائي 3 / 189 ، السنن الكبرى للنسائي 1 / 550 و 3 / 450 ، صحيح ابن خزيمة 3 / 143 .
17- مسند أحمد 2 / 247 و 428 و 457 و 508 ، صحيح مسلم 4 / 102 ، السنن الكبرى للبيهقي 7 / 103 ، المعجم الأوسط 6 / 136 .
18- مسند أحمد 2 / 252 و 270 و 416 و 467 ، صحيح البخاري 4 / 8 .
19- الحشر : 7 .
20- المائدة : 11 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page