السؤال : أُريد أن أعرف الأحاديث عن صيام عاشوراء ؟ وأنا أعلم بحرمته ، وإنّما أُريد الأحاديث المعتبرة عند أهل السنّة لإيضاح الصورة لهم .
الله يوفّقكم لخدمة مذهب آل محمّد الأطهار (عليهم السلام) .
الجواب : قال علقمة : دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يأكل يوم عاشوراء ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إنّ اليوم يوم عاشوراء ، فقال : قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان ، فلمّا نزل رمضان ترك ، فإن كنت مفطراً فاطعم (1) .
وإن الأحاديث الواردة في صوم يوم عاشوراء في الصحاح والمسانيد عند أهل السنّة في غاية الاضطراب والتناقض ، ممّا يقوّي الظنّ بأنّ كُلّ هذه الأحاديث مختلقة من قبل أُجراء بني أُمية:
ففي بعضها : أنّ أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء ، فصامه النبيّ (صلى الله عليه وآله)، ثمّ أمر الناس بصومه حين قدم المدينة ، ثمّ فرض صوم رمضان ، ونسخ وجوبه وبقي مستحبّاً (2) .
وفي بعضها : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يكن ملتفتاً إلى صوم عاشوراء ، وإنّما علم به بعد قدومه المدينة من اليهود ، فأمر به لأحقّيته من اليهود بموسى (3) .
فالأحاديث بين ما يسند صومه وصوم المسلمين بأمره (صلى الله عليه وآله) إلى تقليد أهل الجاهلية ، وبين ما يسنده إلى تقليد اليهود ، وتشاهد في رواية مسلم وأبي داود أن النبيّ (صلى الله عليه وآله) عندما صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه لم يكن عالماً بأنّ اليهود والنصارى يعظّمون يوم عاشوراء ، فما علم به (صلى الله عليه وآله) عزم على ترك صومه ، وقصد صوم اليوم التاسع ، لكنّه (صلى الله عليه وآله) توفّي قبل حلول العام المقبل (4) .
فلا يعقل أن يغفل النبيّ (صلى الله عليه وآله) طيلة تسعة أعوام عن تعظيم أهل الكتاب لليوم المذكور ، فإنّ الأحاديث الأُخرى تدلّ على أنّه (صلى الله عليه وآله) صام يوم عاشوراء من أوائل دخول المدينة .
وكذلك تجد التناقض بين حديث مسلم وأبي داود هذا ، وبين حديث مسلم وأبي داود الآخر عن ابن عباس : إذا رأيت هلال المحرّم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً ، قلت : هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصومه ؟ قال : نعم (5) .
فالمتأمّل في هذه الروايات المتعارضة المتضاربة ، يفهم أنّها موضوعة مجعولة من قبل بني أُمية ، ويزيد في وضوح كذبها أنّه لا أثر لهذا الصوم فيما نقل عن آثار أهل الجاهلية ، وهؤلاء اليهود والنصارى لا يعرفون يوم عاشوراء ولا صومه !! .
____________
1- صحيح البخاري 5 / 155 ، صحيح مسلم 3 / 149 .
2- صحيح البخاري 2 / 226 ، صحيح مسلم 3 / 147 ، السنن الكبرى للنسائي 6 / 295 .
3- تاريخ الأُمم والملوك 2 / 129 ، مجمع الزوائد 3 / 184 ، فتح الباري 4 / 215 ، المعجم الكبير 12 / 40 .
4- صحيح مسلم 3 / 151 ، سنن أبي داود 1 / 546 .
5- نفس المصدرين السابقين .
( أبو نصر الله . ... . ... ) صومه في مصادر أهل السنّة
- الزيارات: 332