• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( علي . المغرب . سنّي . 28 سنة . طالب جامعة ) ردّ توهّمات أهل السنّة في عصمة النبيّ

السؤال : تعتقد الشيعة على خلاف أهل السنّة العصمة التامّة والكاملة للرسول محمّد (صلى الله عليه وآله) ، حتّى في الشؤون المتعلّقة بالحياة المعيشية ، فما قولكم في المسألة ؟
خاصّة وأنّ الكثير من النصوص القرآنية والشواهد التاريخية تثبت ـ بما لا يدع مجالاً للشكّ ـ ما يذهب إليه أهل السنّة ، فما قولكم في واقعة أسرى بدر ؟ وترخيصه لبعض من تخلّف من المقاتلين في عدم المشاركة في الجهاد ، أو النزول عند الموقع المحدّد في واقعة بدر الكبرى ، وكذلك تأبير النخل في الحديث المشهور عنه (صلى الله عليه وآله) : " أنتم أعلم بشؤون دنياكم " حين بدا لـه عدم صواب رأيه ؟
المرجو إيفادنا بالشرح المستفيض والدقيق ، معزّزاً بالأدلّة الشرعية من مصادر أهل السنّة ، وكذلك الشيعة ما أمكن ، لكُلّ حادثة من الحوادث المذكورة أعلاه ، ولكم جزيل الشكر والامتنان .
الجواب : إنّ الأدلّة القائمة على العصمة التامّة ـ للأنبياء (عليهم السلام) عموماً ، ولنبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) خصوصاً ـ أدلّة عقلية ونقلية لا يعتريها الشكّ والريب ـ كما قرّر في محلّه ـ وعليه فلابدّ من تأويل ما جاء خلافه ـ إن صحّ سنده ـ فإنّ ما يوهم خلاف تلك القاعدة مردود ، إذ أنّ القاعدة المذكورة لم تبتن على الأمثلة حتّى يرد عليها النقض ، بل يجب أن يفسّر كُلّ حادث على ضوء تلك القاعدة .
ثمّ إنّ ما ذكرتموه في المقام ، لا يصلح لأن يكون مورداً للنقض لما يلي :
أوّلاً : إنّ ما ذكر في بعض كتب السير والتاريخ ـ من أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد نزل أدنى ماء ببدر أوّلاً ، وثمّ بعد ما أشار عليه الحباب بن المنذر بأن ينزل أدنى ماء من القوم ، ويصنع أحواضاً ويمنع المشركين من الماء ، صوّب الرسول (صلى الله عليه وآله) رأيه وأمر بتنفيذه ـ لم يصحّ لوجوه :
منها : إنّ المشركين هم الذين سبقوا بالنزول في بدر ، ولا يعقل أن ينزلوا في مكان لا ماء فيه ، ويتركوا الماء لغيرهم من المسلمين .
ومنها : إنّ العدوة القصوى التي نزلها المشركون كان فيها الماء ، وكانت أرضاً لابأس بها ، على العكس ممّا نزلها المسلمون ، وهي العدوة الدنيا ، إذ كانت غبار تسوخ فيها الأرجل ، ولم يوجد فيها الماء (1) .
ومنها : إنّ ابن الأثير ـ من أصحاب السير ـ ينصّ على أنّ المشركين وردوا الحوض ، فأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن لا يعترضوهم (2) .
ومنها : إنّ المنع من الماء لا ينسجم مع أخلاقيات ومبادئ الإسلام ونبيّه الأعظم (صلى الله عليه وآله) .
فإذاً ، الصحيح هو الرواية التي تقول بأنّ المسلمين لم يكونوا على الماء ، فأرسل الله السماء عليهم ليلاً حتّى سال الوادي ، فاتخذوا الحياض كما جاء في الذكر الحكيم : { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ } (3) ، وهذا هو سرّ بناء الأحواض لا ما ذكروه .
ثانياً : إنّ البعض قد ذكروا : أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) رخّص طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد وعثمان في عدم المشاركة في بدر ، ثمّ ضرب لهم سهامهم من الغنائم .
وهذا أيضاً من الموضوعات ، إذ جاء في بعض الكتب : أنّ العلّة للتخلّف في الأوّليين ـ طلحة وسعيد ـ هو التجسّس لخبر العير بأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) (4) ، وجاء في بعضها الآخر : أنّهما كانا في تجارة إلى الشام (5) ؛ فإذا كانت العلّة هذه ، هل يعقل أن يضرب لهما سهامهما من الغنائم ؟! خصوصاً أنّ السيوطي وغيره ينكران هذه الفضيلة لغير عثمان (6) .
وأمّا في مورد عثمان ، فإنّ الرواية التي تذكر علّة تخلّفه ـ أنّها لتمريض زوجته رقية بأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ متعارضة مع الرواية التي تصرّح بأنّ العلّة هي إصابة عثمان نفسه بالجدري (7) .
وأيضاً كان بعض المسلمين يعيّرون عثمان بعدم حضوره في بدر ، وهذا لا ينسجم مع رخصته فيه ، إذ كيف خفي هذا العذر على مثل عبد الرحمن بن عوف ، وابن مسعود (8) .
وأخيراً : لقد جاء في حديث مناشدة علي (عليه السلام) لأصحاب الشورى ـ وفيهم طلحة وعثمان ـ قولـه : " أفيكم أحد كان لـه سهم في الحاضر وسهم في الغائب " ؟ قالوا : لا (9) ، وهذا يفنّد كلام القوم من الأساس !!
ثالثاً : إنّ ما يذكر من خطأ اجتهاد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ـ والعياذ بالله ـ في موضوع أُسرى بدر لا أساس لـه من الصحّة ، فالآية التي يشير إليها البعض في المقام { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لـه أَسْرَى ... } (10) في وزان إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، فالمقصود من الآية المسلمون لا النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، إذ أنّ الالتزام به يكون بمعنى مخالفة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأوامر الوحي ، وهذا محالّ .
ولكنّ المعنى أنّ الصحيح في المقام هو الحكم الأوّلي في شأن الأسرى ببدرٍ كان القتل ، وهو حكم خاصّ بهم ، لا أنّ الفداء لا يحلّ أبداً في الأسرى ، إذ قد عمل به ـ الفداء ـ في واقعة عبد الله بن جحش قبل بدر بأزيد من عام ، ولم ينكره الله تعالى (11) ، وبعدما أصرّ المسلمون على مخالفة ذلك الحكم الأوّلي ، عاتبهم الله تعالى فاستحقّوا العذاب ثمّ عفا عنهم .
ويدلّ عليه أنّه جاء في بعض النصوص : أنّ جبرائيل (عليه السلام) أخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بكراهة ما صنعه قومه من أخذ الفداء ، وأخبره بأنّ الله أمره أن يخيّرهم بين قتل الأسرى وأخذ الفداء ، على أن يقتل منهم في المستقبل بعددهم ، فرضوا بالفداء والشهادة (12)، وعلى الأخصّ فقد نصّ البعض على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) مال إلى القتل (13) .
رابعاً : إنّ حديث تأبير النخل ـ بالشكل الذي نقلوه ـ لا يوافق العقل والنقل ، لوجوه :
منها : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يعيش في منطقة تغصّ بالنخل ، فهل يعقل أنّه لم يكن يعرف تأثير تأبير النخل وفائدته ؟ وأنّ النخل لا ينتج بدونه ؟! والحال نرى أنّ الرواية المزعومة تقول : بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) نفى لزوم التأبير فتركوه.
ومنها : كيف نصدّق بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) يرضى بإدخال ذلك الضرر الجسيم عليهم ـ عدم نتاج نخلهم ـ بتصرّفه فيما ليس من اختصاصه ؟!
ومنها : إنّه (صلى الله عليه وآله) كيف يقول لهم ـ حسب الرواية المذكورة ـ أنّ العملية كانت من ظنونه ـ والعياذ بالله ـ وليس لهم أن يؤاخذوه بالظنّ ، في الوقت الذي كان يحثّ الناس على كتابة ورواية ما يصدر عنه (14) .
وصفوة القول : أنّ العصمة لها أدلّتها القيّمة من العقل والنقل ، فلا تنثلم بما نقل بخلافها مع وهن السند والدلالة .

____________
1- فتح القدير 2 / 311 ، شرح نهج البلاغة 14 / 118 ، جامع البيان 10 / 14 ، زاد المسير 3 / 246 ، الجامع لأحكام القرآن 8 / 21 ، تفسير القرآن العظيم 2 / 326 ، الدرّ المنثور 3 / 166 ، الطبقات الكبرى 2 / 27 .
2- الكامل في التاريخ 2 / 123 .
3- الأنفال : 11 .
4- السيرة الحلبية 2 / 203 ، أُسد الغابة 2 / 307 ، تاريخ المدينة 1 / 219 ، سبل الهدى والرشاد 4 / 19 .
5- التنبيه والإشراف : 205 ، المستدرك 3 / 368 ، الاستيعاب لابن عبد البر 2 / 765 ، المعجم الكبير 1 / 110 .
6- السيرة الحلبية 2 / 254 .
7- المصدر السابق 2 / 253 .
8- مسند أحمد 1 / 68 و 75 ، مجمع الزوائد 7 / 226 ، الدرّ المنثور 2 / 89 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 428 ، تاريخ مدينة دمشق 39 / 258 ، البداية والنهاية 7 / 231 .
9- كنز العمّال 5 / 725 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 435 .
10- الأنفال : 67 .
11- السيرة الحلبية 2 / 263 .
12- المصنّف للصنعاني 5 / 209 ، الطبقات الكبرى 2 / 22 ، عيون الأثر 1 / 373 ، الدرّ المنثور 3 / 202 .
13- الكامل في التاريخ 2 / 136 .
14- مجمع الزوائد 1 / 139 ، 151 ، الجامع الصغير 1 / 404 ، كنز العمّال 10 / 224 و 229 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page