السؤال : عندي سؤال ، أرجو الإجابة عليه :
إذا قلنا بأنّ معصية آدم لا تعدّ معصية للأمر المولوي ، وإنّما هي معصية للأمر الإرشادي ، باعتبار أنّ { وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ } (1) نوع النهي هنا إرشادي ، فلابدّ أن نقول : { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ } (2) أيضاً نهي إرشادي ، لأنّ العبارتين متشابهتين تماماً من حيث التركيب وطريقة النهي ، وإذا كان الأمر ليس كذلك ، فكيف فسّرنا على أنّ الأُولى نهي إرشادي ، والثانية ليست نهي إرشادي ؟
الجواب : نودّ أن نقدّم مقدّمة في تعريف الأمر الإرشادي والأمر المولوي ، والفرق بينهما قبل الجواب : فالأمر المولوي : هذا الأمر الصادر منه سبحانه بوصفه مولى تجب طاعته ، ويترتّب على عدم طاعته استحقاق العقاب ، إلاّ أنّه يرتفع أثر المخالفة بالتوبة .
والأمر الإرشادي : هو الأمر الصادر منه سبحانه بوصفه ناصح ومرشد ومعلّم ، ويترتّب على ترك نصحه وإرشاده أثر تكويني وضعي لا يرتفع بالتوبة ، والفرق بينهما :
1ـ إنّ مخالفة الأمر المولوي توجب استحقاق العذاب ، ومخالفة الإرشادي يترتّب عليه أثر تكويني ولا عقاب عليه .
2ـ إنّ أثر مخالفة الأمر المولوي يرتفع بالتوبة دون الإرشادي ، لأنّ أثره تكويني .
3ـ إنّ المولى يكون مؤسّس للأمر المولوي ، ولا حكم للعقل فيه على عكس الإرشادي ، فإنّ للعقل حكم فيه ، كما في وجوب الصلاة كحكم مولوي ، ووجوب إطاعة الله ورسوله وأُولي الأمر في الآية كحكم إرشادي ، فإنّ العقل يحكم مستقلاً ودون الاعتماد على الشرع بوجوب طاعة الله ورسوله وأُولي الأمر ، فإذا جاء الأمر به من الشارع فهو إرشاد إليه .
وبهذا يتّضح أنّ المدار في كون الأمر مولوي أو إرشادي لا علاقة لـه بالتشابه في منطوق وظاهر وتركيب الخطاب الصادر من الشارع ، وإنّما معياره ما ذكرنا أعلاه .
وأقرّب لك ذلك : أنّ الحكم بعصمة الأنبياء حكم عقلي لا يتخلّف في مورد ، ولذا يجب أن تفسّر ما ورد من الشارع بما ظاهره خلاف القاعدة العقلية في العصمة إلى ما يوافقها ، ونأخذ الآية : { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } (3) كمؤيّد ، حيث لم يتخلّف الأثر التكويني وهو الطرد من الجنّة ، مع أنّ آدم وحوّاء تابا بالاتفاق .
__________
1- الكهف : 72 .
2- البقرة : 35 .
3- الأنعام : 152 .
( عبد الله . البحرين . 20 سنة . طالب جامعة ) الفرق بين الأمر المولوي والإرشادي
- الزيارات: 2241