السؤال : ما هو حديث الغدير ؟ وكيف يدلّ على إمامة علي (عليه السلام) ؟
الجواب : حديث الغدير هو : قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجّة الوداع بغدير خم ، حينما قام في الناس خطيباً ـ من خطبة طويلة ـ : " يا أيّها الناس إنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه ، فهذا مولاه ـ يعني علياً ـ اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ... " .
وقد روى هذا الحديث كثير من الصحابة ، وأورده جمع كبير من علماء الفريقين في كتبهم ، وأرسلوه إرسال المسلّمات (1) .
ودلالة الحديث على خلافة وولاية علي (عليه السلام) واضحة ، فلا يمكن حمل الولاية على معنى المحبّ والصديق وغيرهما ، لمنافاته للمطلوب بالقرائن الحالية والمقالية .
أمّا المقالية : فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكر ولاية علي بعد ولاية الله وولايته ، ثمّ جاء بقرينة واضحة على أنّ مراده من الولاية ليس هو الصديق والمحبّ وما شاكل ، وذلك بقولـه : " وأنا أولى بهم من أنفسهم " ، فهي قرينة تفيد أنّ معنى ولاية الرسول ، وولاية الله تعالى ، هو الولاية على النفس ، فما ثبت للرسول يثبت لعلي (عليه السلام) ، وذلك لقولـه : " من كنت مولاه فهذا مولاه " .
وأمّا الحالية : فإنّ أيّ إنسان عاقل إذا نعيت إليه نفسه وقرب أجله تراه يوصي بأهم الأُمور عنده ، وأعزّها عليه .
وهذا ما صنعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما حج حجّة الوداع ، حيث جمع المسلمين وكانوا أكثر من مائة ألف في يوم الظهيرة في غدير خم ، ويخطبهم تلك الخطبة الطويلة ، بعد أن أمر بإرجاع من سبق ، وانتظار من تأخّر عن العير ، و بعد أمره لتبليغ الشاهد الغائب .
كُلّ هذا فعله الرسول (صلى الله عليه وآله) ليقول للناس : إنّ علياً محبّ لكم صديق لكم ، فهل يليق بحكيم ذلك ؟ وهل كان خافياً على أحد من المسلمين حبّ علي (عليه السلام) للإسلام والمسلمين ؟ وهو الذي عرفه الإسلام بإخلاصه وشجاعته ، وعلمه وإيمانه .
أم أن ذلك يشكّل قرينة قطعية على أنّه (صلى الله عليه وآله) جمعهم لينصب بعده خليفة بأمر الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } (2) .
نسأله تعالى أن يعرّفنا الحقّ حقّاً ويوفّقنا لاتباعه .
____________
1- مسند أحمد 1 / 118 و 152 و 4 / 281 و 370 و 5 / 347 و 370 ، الجامع الكبير 5 / 297، سنن ابن ماجة 1 / 45 ، المستدرك 3 / 109 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، مجمع الزوائد 9 / 104 ، المعجم الكبير 4 / 17 و 5 / 170 و 5 / 192 و 5 / 204 ، شواهد التنزيل 2 / 381 ، التاريخ الكبير 1 / 375 ، الكامل في ضعفاء الرجال 3 / 256 ، 6 / 82 و 350 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 213 و 217 و 230 ، تهذيب الكمال 20 / 484 ، تهذيب التهذيب 7 / 296 ، الجوهرة : 67 ، البداية والنهاية 5 / 231 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 421 ، ينابيع المودّة 2 / 249 و 283 و 391 .
2- المائدة : 67 .
( حميد . عمان . ... ) دلالة حديث الغدير على إمامة علي (عليه السلام)
- الزيارات: 333