• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( هادي محمّد . الكويت . ... ) ليس في خطبتي البيان والطتنجية غلوّ

السؤال : هل لخطبة البيان والطتنجية سند ؟ وإذا كان لها سند ألا تفيد الغلوّ ؟ شكراً لمساعيكم .
الجواب : كثيراً ما يتساءل عن خطبة البيان والخطبة الطتنجية سنداً ودلالةً ، بل كُلّ ما هناك من ألفاظ وصفات إلهية نسبت للمعصومين (عليهم السلام) ممّا تفيد الغلوّ ، بل
الشرك والكفر ، لو أُريد منها معانيها الظاهرية أمثال قولهم (عليهم السلام) : " نحن الأوّل ، والآخر ، والظاهر ، والباطن " وإلى غير ذلك .
فنقول وبالله التوفيق : إنّ الأُمّة المحمّدية قد خصّت من دون الأُمم بفضيلة الإسناد ، وفُضّلت على سائر الشرائع بنعمة الاستناد والاتصال بالمعصومين (عليهم السلام) بالرجال الثقات والممدوحين ، وعليه فكُلّ خبر ما لم يكن مسنداً متّصلاً لا قيمة لـه ولا حجّية ، من أيّ أحد صدر ، ولأيّ شخص نُسب ، وما أرسل منه أو رفع ، أو وقف لـه أحكامه الخاصّة به ، مذكورة في محلّها ، وعليه :
أوّلاً : لم يذكر لأمثال هذه الخطب سنداً معتبراً ، بل قد نجده أرسل ـ بالمعنى الأعم ـ مع أنّا نجد غالب كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) وخطبه مسندة في مواطن ، وإن كانت مرسلة في النهج وغيره .
ثانياً : صرف وجود خطبة أو رواية في كتاب ـ مهما كان ـ لا يكفي على مذهب الإمامية للحجّية ، ما لم يقرن بقرائن خاصّة مذكورة في محلّها ، وهذا ما يسمّى بالوجادة ، التي لا حجّية فيها ولا سندية لها في نفسها .
ثالثاً : إنّ إعراض العلماء موهن للخبر ، بل قد يسقطه عن الحجّية ، خصوصاً وهو في مرأى ومسمع منهم ، وأيضاً عدم وجوده في كتب الأُصول " لأُم " عند الطائفة ، وعدم درجه فيها مضعّف لـه .
رابعاً : وجود طائفة كبيرة من أخبار العرض ـ الأخبار العلاجية ـ وما ورد عنهم (عليهم السلام) مستفيضاً من قولهم عن الحديث : " ما خالف كتاب الله فهو : زخرف : لم نقله : وأضربه عرض الجدار ، و ... " ، وهي أحاديث لا تحصى كثرةً ، كما لنا أحاديث جمّة في إسقاط كُلّ حديث خالف العقول ، أو لزم منه الشرك والكفر ، إلاّ إذا أمكن تأويله أو حمله على محمل صحيح ، هذا بشكل عام ، وهي فائدة تنفع في موارد متعدّدة ، ومقامات أُخرى .
وأمّا ما يخصّ المقام فنقول :
أوّلاً : لقد نُسب للسيّد الخوئي (قدس سره) في خصوص خطبة البيان كون ألفاظها ركيكة ، وأنّها ليست بعربية فصيحة ، وأنّها مخالفة للسان أهل البيت (عليهم السلام) ، وهو كلام إنّما يتمّ عند أهل الفن خاصّة ، وفيه مجال للرّد والإبرام ، خصوصاً مع كون " حديثنا صعب مستصعب " ، وقولهم (عليهم السلام) : " ردّوه إلينا " ، كما ويخشى من تعميمه في مواطن أُخرى من غير من هو أهل لذلك .
ثانياً : وجود روايات صريحة صحيحة كثيرة مقابل هذه الأخبار الشاذّة النادرة ، وهذا كافٍ لإسقاطها عن الحجّية .
ثالثاً : إنّها مخالفة للعقل ، ولا يمكن القول بظاهرها من موحّد ، إلى غير ذلك من الوجوه الكثيرة ، التي لا غرض لنا هنا بإحصائها ، إذ لا نجد ثمّة ضرورة في ذلك .
والحاصل : إنّ عمدة الإشكال هنا أنّا لهم مع قولـه تعالى : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ... } (1) ، وقولـه عزّ من قائل : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (2) ، وقولـه عزّ اسمه : { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } (3) وغيرها مثلاً وما أكثرها ، فكيف يردّ التعبير عنهم (عليهم السلام) أمثال هذه الألفاظ التي يستشمّ منها الغلوّ والكفر ، والعياذ بالله .
ولبّ الجواب عليه ـ فضلاً عمّا سلف ـ هو : إنّه وردت في كتبنا روايات كثيرة عنهم (عليهم السلام) صحيحة ، عندما ذكروا هذه الألفاظ فيها فسّروها لنا ، وقالوا : نقصد منها كذا ، فلو فسّرت بغير هذا من أيّ كان ، أو أخذ بظواهرها ، لكان ردّاً عليهم (عليهم السلام) ، ولابدّ من الأخذ بتأويلهم وبما فسّروه ، وإلاّ لكان باطلاً لم يقصدوه ولا يريدوه ، بل تقوّل عليهم وافتراء ، مثال ذلك :
أ ـ قولـه (صلى الله عليه وآله) : " أنا الأوّل والآخر " ، ثمّ فسّره بقولـه : " أوّل في النبوّة ، وآخر في البعثة " (4) .
ب ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) : كيف أصبحت ؟ فقال : " أصبحت وأنا الصدّيق الأوّل الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وأنا وصيّ خير البشر ، وأنا الأوّل وأنا الآخر ، وأنا الباطن وأنا الظاهر ، وأنا بكُلّ شيء عليم ، وأنا عين الله ، وأنا جنب الله ، وأنا أمين الله على المرسلين ، بنا عبد الله ، ونحن خزّان الله في أرضه وسمائه ، وأنا أُحيي وأنا أُميت ، وأنا حيّ لا أموت " .
فتعجّب الإعرابي من قولـه ، فقال (عليه السلام) : " أنا الأوّل ؛ أوّل من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأنا الآخر ؛ آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده ، وأنا الظاهر فظاهر الإسلام ، وأنا الباطن بطين من العلم ، وأنا بكُلّ شيء عليم ؛ فإنّي عليم بكُلّ شيء أخبر الله به نبيّه فأخبرني به ، فأمّا عين الله ؛ فأنا عينه على المؤمنين والكفرة ، وأمّا جنب الله ؛ فأن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ، ومن فرّط فيّ فقد فرّط في الله ، ولم يخبر لنبيّ نبوّة حتّى يأخذ خاتماً من محمّد (صلى الله عليه وآله)، فلذلك سمّي خاتم النبيين محمّد سيّد النبيين ، فأنا سيّد الوصيين .
وأمّا خزّان الله في أرضه ؛ فقد علمنا ما علمّنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول صادق ، وأنا أُحيي ؛ أُحيي سنّة رسول الله ، وأنا أُميت ؛ أُميت البدعة ، وأنا حيّ لا أموت لقولـه تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ... } " (5) .
ج ـ روي أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان قاعداً في المسجد ، وعنده جماعة ، فقالوا لـه : حدّثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : " ويحكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون " ، قالوا : لابدّ من أن تحدّثنا ، قال : " قوموا بنا " ، فدخل الدار .
فقال : " أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي أُحيي وأُميت ، أنا الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن " ، فغضبوا وقالوا : كفر !! وقاموا .
فقال علي (عليه السلام) للباب : " يا باب استمسك عليهم " ! فاستمسك عليهم الباب ، فقال : " ألم أقل لكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون ؟! تعالوا أفسّر لكم ، أمّا قولي : أنا الذي علوت فقهرت ، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتّى آمنتم بالله ورسوله ، وأمّا قولي : أنا أُحيي وأُميت ؛ فأنا أُحيي السنّة وأُميت البدعة .
أمّا قولي : أنا الأوّل ؛ فأنا أوّل من آمن بالله وأسلم ، وأمّا قولي : أنا الآخر ؛ فأنا آخر من سجّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثوبه ودفنه ، وأمّا قولي : أنا الظاهر والباطن ، فأنا عندي علم الظاهر والباطن " .
قالوا : فرّجت عنا فرّج الله عنك (6) .
د ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنا وجه الله ، أنا جنب الله ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ، وأنا الظاهر ، وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض ، وأنا سبيل الله ، وبه عزمت عليه " .
قال معروف بن خربوذ : ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلوّ (7) .
وعلّق عليه العلاّمة المجلسي (قدس سره) بقولـه : " وبه عزمت عليه ، أي بالله أقسمت على الله عند سؤال الحوائج عنه " (8) .


____________
1- النجم : 43 ـ 44 .
2- الحديد : 3 .
3- البقرة : 258 .
4- إعلام الورى 1 / 51 ، كشف الغمّة 1 / 13 .
5- آل عمران : 169 ، مناقب آل أبي طالب 2 / 205 .
6- الاختصاص : 163.
7- اختيار معرفة الرجال 2 / 471 .
8- بحار الأنوار 39 / 349 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page