طباعة

( فاطمة حسن . ... . ... ) تعقيب على الجواب السابق

قد يقول قائل : ما العلّة وما فائدة الإمام المنتظر في استمرار وجوده غائباً ؟ وعدم ظهوره ليصلح ما أفسده الناس ، وما جرفوه من حكم الإسلام .
الجواب : قد ورد في جواب الإمام الحجّة (عليه السلام) لإسحاق بن يعقوب ، كما في توقيعه الشريف : " وأمّا علّة ما وقع مِن الغيبة ، فإنّ الله عزَّ وجلّ يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } (1) إنّه لم يكن أحد من آبائي إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد مِن الطواغيت في عنقي .
وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب ، وإنّي لأمان لأهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان أهل السماء ، فأغلقوا أبواب السؤال عمَّا لا يعنيكم ، ولا تتكلّفوا على ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإنّ ذلك فرجكم ، والسلام عليكم يا إسحاق بن يعقوب وَعلى مَن اتبع الهدى " (2) .
فالعلّة في غيبة الإمام وفائدتها أُمور :
1ـ الغيبة سرّ مِن أسرار الله فلا تتكلّفوه ، كما ذكر الإمام (عليه السلام) واستشهد بالآية .
2ـ غيبته إنّما وقعت لئلا يكون في عنقه بيعة لطاغية .
3ـ إنّ مثل وجوده ونفعه للمجتمع كمثل وجود الشمس ، فإنّ غيبته لا تمنع مِن الاستفادة بوجوده الشريف .
4ـ الإمام الحجّة أمان لأهل الأرض بوجوده ودعائه وبركاته .
5ـ طلبه الدعاء لـه بالفرج ، لأنّ تضرّع المؤمنين إلى الله بتعجيل فرجه لـه تأثير عند الله بتقريب ظهوره .
6ـ إنّ لله حكم وأسرار فيها ما هو جلي ، ومنها ما هو خفي ، قد أخفاها لمصالح تعود للعباد ، وأمر المهدي (عليه السلام) في غيبته كذلك .
7ـ إنّ وجود المهدي حجّة لله قائمة في الأرض يحفظ الله به البلاد والعباد .
8ـ قد يكون المانع مِن ظهوره هم الناس أنفسهم ، لعدم وجود أنصار لـه .
9ـ إنّ تأخير ظهوره قد يكون لإعطاء فرصة ومهلة للرجوع إلى الله تعالى .
10ـ إنّ الحجّة المنتظر بوجوده يحفظ الله التوازن في المجتمع البشري ، كما تحفظ الجاذبية التوازن في المجموعة الكونية .
جعلنا الله وإيّاكم محلّ رضاه ، وجمعنا به العليّ القدير عاجلاً غير آجل ، إنّه سميع مجيب .
وعلى كُلّ واحد ـ أينما كان ـ أن يجعل ارتباطه بالله تعالى شفّافاً ، واضحاً ، قوياً ومتكاملاً .
نسألكم الدعاء .


____________
1- المائدة : 101 .
2- الغيبة للشيخ الطوسي : 292 ، كمال الدين وتمام النعمة : 485 .