طباعة

( أحمد . السعودية . ... ) كان علي في بيتها عند هجوم القوم

السؤال : هل كان الإمام علي (عليه السلام) موجود في البيت عندما ضربت فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؟
الجواب : ذكرت الأخبار وجود الإمام علي (عليه السلام) والحسنين (عليهما السلام) في الدار ، حين هجوم القوم على دار الزهراء (عليها السلام) ، وعصرها ما بين الحائط والباب ، وأضافت بعض الأخبار وجود الزبير وفضّة أيضاً (1) .
هذا وقد استفاد البعض من وجود الإمام علي (عليه السلام) في الدار لإثارة بعض الشبهات لتكذيب ما ورد من المآسي على الزهراء (عليها السلام) .
من تلك الشبهات : أنّ وجوده (عليه السلام) في الدار ، وعدم نصرته للزهراء (عليها السلام) ينافي الشجاعة .
قال ابن روزبهان عن حديث الإحراق : " لو صحّ هذا دلّ على عجزه ، حاشاه عن ذلك ، فإنّ غاية عجز الرجل أن يحرق هو وأهل بيته ، وامرأته في داره ، وهو لا يقدر على الدفع ...".
وقد أجاب عن هذه الشبهة أحد علماء الزيدية ـ وهو ابن حمزة ـ في كتابه الشافي ما نصّه : " أنّا قد بيّنا أنّه لا عار عليه في أن يغلب ، إذ ليست الغلبة دلالة حقّ ، ولا باطل ، ولا على جبن ، وهو إمام معصوم بالنصّ ، لا يفعل     
العصبية ، وإنّما يفعل بالأمر ، وقد أُمر بالصبر ، فكان يصبر امتثالاً لأمر الله تعالى ، وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) ، لا يقدم غضباً ولا يحجم جبناً ... " (2) .
بالإضافة إلى هذا الردّ ، فقد كان المهاجمون على دار الزهراء (عليها السلام) يريدون استدراج الإمام علي (عليه السلام) لمعركة ، يتضرّر من خلالها الإسلام ، فشجاعة علي (عليه السلام) هنا هي بصبره على الأذى ، وعدم استجابته للاستفزاز الذي مارسوه ضدّه (عليه السلام) .
ومن تلك الشبهات أيضاً : أنّ وجوده (عليه السلام) في الدار ، وتركه زوجته تبادر لفتح الباب يتنافى مع الغيرة والحمية .
ونقول في الجواب :
أوّلاً : أنّه لاشكّ في أنّ علياً (عليه السلام) هو إمام الغياري ، وهو صاحب النجدة والحمية .
وثانياً : المهاجمون هم الذين اعتدوا ، وفعلوا ما يخالف الدين والشرع ، والغيرة والحمية ، وحتّى العرف الجاهلي ، أمّا الإمام علي (عليه السلام) فلم يصدر منه شيء من ذلك ، بل هو قد عمل بتكليفه ، حتّى ولو كلّفه ذلك روحه التي بين جنبيه .
وثالثاً : لقد كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) يأمر بعض زوجاته ـ كأُمّ أيمن ـ بأن تجيب من كان يطرق عليه الباب حين يتقضي الأمر ذلك ، وهل هناك أغير من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
وأخيراً : فإنّ مثول بنت الرسول وراء الباب ، ومحاججتها معهم ، كُلّ ذلك إتماماً للحجّة ، لكي يرجع القوم إلى الحقّ ، ويعرفوا طريقه ، { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } (3) .

____________
1- الأمالي للشيخ المفيد : 49 ، الاحتجاج 1 / 237 .
2- الشافي 4 / 200 .
3- الأنفال : 42 .