السؤال : أودّ أن أسأل عن زواج المتعة وحكمه ؟ مع الاسترشاد بالأحاديث أو الآيات القرآنية الكريمة .
الجواب : هو حلّ معقول وجذري للمشكلة الجنسية في ظروف عدم التمكّن من الزواج الدائم ، أو موارد حرجة أُخرى ، هذا بحسب العقل .
وأمّا من جهة النصوص ، فلا خلاف في ثبوت تشريع المتعة عند علماء المذاهب الإسلامية بأجمعهم ، معتمدين في ذلك على آية { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً }(1) ، حتّى أن بعضهم قد قرأها بالشكل التالي : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى } (2) ، وهذا صريح في إرادة الزواج المؤقت .
وعلى أيّ حال ، فالكُلّ متّفقون على إباحة المتعة بالكتاب والسنّة (3) .
ثمّ إنّ المخالفين للجواز يدّعون ورود النسخ لهذه الآية بآيات أظهرها من حيث الدلالة هي : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } (4) بتوهّم حصر الزواج الشرعي في الدائم ، وملك اليمين ، ولكن من الواضح أنّ هذه الآية مكّية ، وآية المتعة مدنية ، ولا يعقل تقدّم الناسخ على المنسوخ ، على أنّ الآية المذكورة لا تنفي مشروعية المتعة ، إذ أنّها زواج شرعي ـ استناداً إلى الأدلّة التي ذكرناها ـ فتدخل ضمن { أَزْوَاجِهِمْ } في الآية .
وأيضاً قد اعتمدوا في إثبات الناسخ بروايات وأحاديث قد يوهم بعضها النسخ ، ولكن يردّه ـ مع غضّ النظر عن أسانيدها ـ بأنّها مختلفة فيما بينها في محلّ ورود النسخ ، حتّى أُشير إلى ستّة مواطن : خيبر ، عمرة القضاء ، عام الفتح ، أوطاس ، تبوك ، حجّة الوداع ، حنين (5) ، ممّا يوجب الاضطراب في مفادها ومضامينها ، ومن ثمّ عدم الركون إليها ، خصوصاً أنّها أخبار آحاد ، لا تصلح لنسخ الكتاب ـ على مبناهم ـ .
ومع التنزّل فإنّ هذه الأخبار متعارضة مع الأحاديث الدالّة على الجواز ، والتي هي صحاح تصل إلى حدّ الاستفاضة ، فإن قلنا بتساقط الطرفين في المعارضة ، أو ترجيح طرف الجواز لموافقتها لآية المتعة ـ كما هو المقرّر في علم الأُصول في حلّ التعارض بين الأخبار ـ تثبت نظرية الشيعة في التمسّك بالجواز في المقام .
وهنا لابأس أن نشير بورود بعض الروايات التي تدلّ بصراحة على أنّ المنع لم يشرّع في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، بل أنّه كان باجتهاد خاصّ من قبل عمر ! (6) حتّى أنّ بعضهم صرّح بأنّ عمر أسند النهي والمنع عن المتعة إلى نفسه ، لا إلى تشريع الرسول (صلى الله عليه وآله) (7) .
____________
1- النساء : 24 .
2- المستدرك 2 / 305 ، السنن الكبرى للبيهقي 7 / 206 ، المعجم الكبير 10 / 320 ، الاستذكار 5 / 505 ، التمهيد 10 / 113 ، جامع البيان 5 / 18 ، معاني القرآن 2 / 61 ، أحكام القرآن للجصّاص ، الكشف والبيان 3 / 286 ، معالم التنزيل 1 / 414 ، الجامع لأحكام القرآن 5 / 130 ، تفسير البحر المحيط 3 / 225 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 486 ، الدرّ المنثور 2 / 140 .
3- أُنظر : جامع البيان 5 / 18 ، الجامع لأحكام القرآن 5 / 130 ، الدرّ المنثور 2 / 140 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 486 .
4- المؤمنون : 5 ـ 6 ، المعارج : 29 ـ 30 .
5- فتح الباري 9 / 138 .
6- فتح الباري 3 / 339 و 9 / 141 ، كنز العمّال 16 / 523 ، جامع البيان 5 / 19 ، الدرّ المنثور 2 / 140 ، مسند أحمد 3 / 380 .
7- شرح تجريد العقائد : 374 .
( أبو هادي ـ فلسطين ـ سنّي ـ بكالوريوس تجارة ) صحيحة عقلاً وشرعاً
- الزيارات: 359