السؤال : ورد في رواياتنا وصية معاوية لابنه يزيد ، وكان فيها إشارة إلى معرفة معاوية لحقّ الحسين (عليه السلام) : " وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول الله , وهو من لحم رسول الله ودمه , وقد علمت لا محالة أنّ أهل العراق سيخرجونه إليهم ، ثمّ يخذلونه ويضيّعونه , فإن ظفرت به فاعرف حقّه ومنزلته من رسول الله , ولا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة ورحماً , وإيّاك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروهاً " .
فهل يعقل ذلك أم في الروايات مآخذ ؟
الجواب : الحديث نقله من أصحابنا الشيخ الصدوق (قدس سره) (1) ، وفي السند الذي ذكره أفراد مجهولون ، فلهذا لا يمكن الوثوق بصحّة مثل هكذا حديث .
ولو سلّمنا بصحّة السند ، فهو يدلّ على مدى الوقاحة لدى يزيد أن أقدم على قتل الحسين (عليه السلام) ، وهو عارف بحقّه ، ويدلّ أيضاً على مدى الدهاء الذي يتمتّع به معاوية الغاصب للخلافة ، والمحارب لأبي الحسين (عليهما السلام) ، العارف بحقّهما وقربهما من رسول الله ، والذي يجيز لابنه الظفر بالحسين (عليه السلام) ، ولا يجيز له أن يناله مكروه ، لأنّه يعلم أنّ إلحاق الأذى بالحسين (عليه السلام) سوف يزلزل ملك ابنه ، فهو معلّم لابنه أُسلوباً من أساليب الدهاء ، التي لم يجد الابن ممارستها .
وبالتمحيص في شخصية معاوية لا يبدو غريباً أن يصدر منه مثل هكذا وصيّه ، فقد عُرف بالمكر والخداع والدهاء ، وصدور مثل هكذا وصيّة من معاوية لا يعدّ فضيلة له ، بل فيها أكبر إدانة له ، حيث يعلّم ابنه الأساليب المناسبة للتسلّط على المسلمين ، وكبح جماح المعارضين ، وفي تسلّط يزيد الفاسق الفاجر على المسلمين أكبر ظلامة وقعت على الإسلام والمسلمين ، والتي يتحمّل جزءً كبيراً منها معاوية ، وذلك بتمهيد الطريق أمام ابنه للتسلّط على رقاب المسلمين ، وهذا ما ذكره معاوية في تلك الوصية في غير تلك الأسطر التي ذكرتها .
____________
1- الأمالي للشيخ الصدوق : 216 .
( أُمّ محمّد ـ الكويت ـ 40 سنة ـ خرّيجة جامعة ) وصيته ليزيد إن ظفر بالحسين
- الزيارات: 351