السؤال : سؤالي هو : إن كان الله غير محتاج لأحد ، فلماذا خلق الله الملائكة رغم زهده فيهم ؟ وفّقكم الله لمرضاته .
الجواب : إنّ خلق الله تعالى للملائكة ليس بسبب الحاجة إلى مراقبة العباد في أعمالهم ، والاستعانة بالملائكة لأُمور خلقه ، بل الله أكرم من أن يحتاج إلى أحد من خلقه ، إذ كيف يحتاج إلى مَن هو محتاج إليه ؟ وقوله تعالى : { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا }(1) دليل على افتقار الملائكة إليه .
وعلمه تعالى بما يفعله العباد يدلّ على أنّه غير محتاج إلى الاستعانة بالملائكة ، وقد أشار إلى إحاطته بأعمال عباده بقوله تعالى : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } (2) أي : يعلم دقائق وتفاصيل أعضائه فضلاً عن خطرات قلبه ، فلا يحتاج إلى أن تعلمه الملائكة بذلك ، بل خلقه للملائكة لا من باب الحاجة بل من جهة أنّ الله تعالى قد خلق هذا الكون حسب نظام ومقتضيات وأسباب ، وأراد تعالى أن تجري أُمور هذا الكون بأسبابها ، وفق قوانينه التي خلقها لهذا الكون ، فهذا الكون وما فيه تحت هيمنته وجبروته لا يتخلّف عنه طرفة عين أبداً .
قال الإمام علي (عليه السلام) في دعاء كميل : " وكلّ سيئة أمرت باثباتها الكرام الكاتبين الذين وكّلتهم بحفظ ما يكون منّي ، وجعلتهم شهوداً عليّ مع جوارحي ، وكنت أنت الرقيب عليّ من ورائهم ، والشاهد لما خفي عنهم ... " (3) .
ومعنى هذا : أنّ الملائكة يخفى عليهم ما لا يخفى على الله تعالى ، فكيف هو يحتاج إليهم ويستعين بهم ؟ بل الصحيح ـ والله أعلم ـ أنّ ذلك لانتظام الكون وشؤون الخلق ، فخلق الملائكة وكلّفهم بمهام وقضايا هو أعلم بها .
____________
1- البقرة : 31 ـ 32 .
2- ق : 16 .
3- مصباح المتهجّد : 849 .
( أبو ياسر الجبوري ـ سويسرا . ... ) الله تعالى غير محتاج لهم
- الزيارات: 438