• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( نجيب العجمي ـ عمان ـ 22 سنة ـ طالب جامعة ) النواصب كفّار وإن صلّوا وصاموا

السؤال : عندي استفسار عن مدى صحّة الروايات التالية :
1ـ عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : " إنّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوّار قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) عشية عرفة " ، قال : قلت : قبل نظره إلى أهل الموقف ؟ قال : " نعم " , قلت : وكيف ذاك ؟ قال : " لأنّ في أُولئك أولاد زنى ، وليس في هؤلاء أولاد الزنا " (1) ، سبحان الله كُلّ الناس أولاد زنا ؟
2ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ؟ فقال لي : " الكفّ عنهم أجمل " ، ثمّ قال : " والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا " (2) .
3ـ جاء في الأنوار النعمانية : روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " أنّ علامة النواصب تقديم غير علي عليه " ... ويؤيّد هذا المعنى : أنّ الأئمّة (عليهم السلام) وخواصّهم أطلقوا لفظ الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله ، مع أنّ أبا حنيفة لم يكن ممّن نصب العدواة لأهل البيت (عليهم السلام) ، بل كان له انقطاع إليهم ، وكان يظهر لهم التودّد ... .
الثاني : في جواز قتلهم واستباحة أموالهم ـ يعني بالنواصب أهل السنّة ـ (3) .
4ـ جاء في نور البراهين : وأمّا طوائف أهل الخلاف على هذه الفرقة الإمامية ، فالنصوص متضافرة في الدلالة على أنّهم مخلّدون في النار ... .
وروى المحقّق الحلّي في آخر السرائر مسنداً إلى محمّد بن عيسى قال : " كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت ، واعتقاد إمامتهما ؟ ـ والمقصود بالجبت والطاغوت هما أبا بكر وعمر ـ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب " (4) .
الجواب : فقد ذكرت أربعة كتب رأيت فيها ما استفزّك حين أشكل عليك أمر ما رأيت ، ولعلّك ظننت أنّ كُلّ كتاب ما ضمّ بين دفتيه هو حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وليس الأمر كذلك ، فكُلّ كتاب تراه لشيعي أو سنّي أو غيرهما ، يُؤخذ منه ويُقبل ما فيه إذا لم يعارض كتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) .
ولمّا كان كتاب الله تعالى ثابتاً بالتواتر عند جميع المسلمين ، فلسنا بحاجة إلى بحث ثبوته ، ولكن سنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم ترد كذلك ، بل نقلت أحاديثها عن طريق الإسناد ، وفي رجاله ربما كان من لا تُقبل روايته ، لجهة من جهات الرفض المذكورة في كتب الدراية وغيرها ، لذلك يلزمنا النظر في رجال السند أوّلاً ، فإن سلّم نظرنا إلى المتن لئلا يكون معارضاً لما صحّ وثبت من كتاب الله تعالى ، أو لضروري من ضروريات العقيدة الإسلامية ، ممّا أجمع عليه المسلمون ، لأنّ الحديث النبوي الشريف تعرّض لدخيل فيه أباطيل ، وكذلك ما ورد عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .
لذلك كان الشيعة أقوم قيلاً حين أخضعوا جميع الأحاديث والأخبار للنظر سنداً ومتناً ، بخلاف أهل السنّة الذين أطّروا بعض الكتب الحديثية ـ كصحيح البخاري ومسلم وغيرهما ـ بما جاوز الحدّ ، حتّى غلوا في صحيح البخاري ، فقالوا : أنّه أصحّ كتاب بعد كتاب الله ، وأنّ من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة ، ونحو ذلك في غيره من كتب الصحاح عندهم ، وهذا ما جعلهم في حيرة حين وجدوا في البخاري ومسلم ـ فضلاً عن غيرهما ـ رجالاً ليسوا بأهل للرواية عنهم .
وعليك أن تراجع مقدّمة فتح الباري لابن حجر لتجد أنّ المتكلّم فيه بالضعف من رجال البخاري ثمانون رجلاً ، والمتكلّم فيه بالضعف من رجال مسلم مئة وستّون رجلاً (5) .
أمّا الشيعة فقد قالوا : سائر الكتب ـ ما عدا القرآن الكريم ـ تخضع للفحص ، فما وافق كتاب الله تعالى فهو حقّ ، وما خالف فهو زخرف يضرب به عرض الجدار ، فإذا عرفت فلنذكر لك ما اشتبه عليك علمه ، وغلب عليك وهمه .
1ـ ما ذكرته عن علي بن أسباط ، ففي سنده انقطاع ، وهو ما يسمّى بالمعضَل ، وجهالة الرواة فيما بين علي بن أسباط وبين أبي عبد الله (عليه السلام) ، وهذا كاف في ردّه وعدم حجّيته ، ومع الإغماض عمّا في سنده ، فالمراد أُولئك الذين لم يأتوا بواجبات الحجّ كاملاً ، لأنّ من واجباته طواف النساء ، ومن لم يأت به حرمت عليه النساء ، وبعض المذاهب لا يرون للحجّاج الإتيان به ، لذلك كانت مباشرتهم لنسائهم حرام ، ومن ولد من نكاح حرام فهو ولد زنا ، فهذا معنى قولـه (عليه السلام) على تقدير صحّة الرواية سنداً .
وممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام ، أنّ لعلي بن أسباط كتاب نوادر ، وكتب النوادر أقلّ مرتبة في القبول من غيرها ، لأنّ ما يذكر في أبواب النوادر لا يعتمد عليه كما سيأتي مزيد بيان عن ذلك في آخر الأجوبة ، وأخيراً لاحظ كتاب الخلاف للطوسي (قدس سره) حول طواف النساء ووجوبه عندنا .
2ـ ما ذكرته عن أبي حمزة ففي سنده مجهولان ، وهما : علي بن العباس والحسن بن عبد الرحمن ، وهذا يكفي في سقوط الاستدلال بالخبر ، ولو أغمضنا عن ذلك ورجعنا إلى المتن لوجدنا بقية الخبر ولم تذكره ، فيه بيان وتفسير لما استنكرت ، والخبر بنصّه كما في المصدر .
عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ؟ فقال لي : " الكفّ عنهم أجمل " ، ثمّ قال : " والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا " ، قلت : كيف لي بالمخرج من هذا ؟
فقال لي : " يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدلّ عليه ، أنّ الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء ، ثمّ قال عزّ وجلّ : { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } ، فنحن أصحاب الخمس والفيء ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا .
والله يا أبا حمزة ، ما من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلاّ كان حراماً على من يصيبه فرجاً كان أو مالاً ، ولو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد ، حتّى أنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه ، فلا يصل إلى شيء من ذلك ، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر ولا حقّ ولا حجّة " .
3ـ وما ذكرته عن الأنوار النعمانية ، فأوّل ما فيه أنّ النبوي المذكور مرسل ، فلا ندري من رواه ، وعمّن رواه ، لنعرف الحال في أُولئك الرجال ، والذي ذكره بعده فهو من اجتهاد المؤلّف ، فلا يعبّر إلاّ عن رأيه الشخصي ، ولا يلزمنا ذلك بشيء ، إذ لسنا مقلّدين له ، ورأيه كآراء غيره من الناس فمن ارتضاه قبله ، ومن لم يقبله رفضه .
4ـ وما ذكرته عن نور البراهين ، فإنّ مؤلّفه هو مؤلّف الأنوار النعمانية ، وللرجل اجتهادات شخصية لسنا ملزمين بها ، وما نقله عن المحقّق الحلّي في آخر السرائر ، فإنّ آخر السرائر هو باب النوادر ، ممّا استطرفه من كتب الآخرين، فهو لا يعني التزامه بصحّة ما فيه كما صرّح بذلك في كتاب السرائر ، وإنّ ما يوجد في باب النوادر لا يعمل به .
هذا باختصار جواب ما ذكرته عن تلك الكتب ، والآن لزيادة الإيضاح والإفصاح كيلا تستوحش من وصف النواصب بالكفر ، أذكر لك جملة أحاديث نبوية مذكورة في مصادرها السنّية :
1ـ أخرج الهيثمي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسمعته وهو يقول : " أيّها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً " ، فقلت : يا رسول الله وإن صام وصلّى ؟
قال : " وإن صلّى وصام ، وزعم أنّه مسلم ، احتجر بذلك من سفك دمه ، وأن يؤدّي الجزية عن يد وهم صاغرون ، مثل لي أمّتي في الطين ، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته " رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : من لم أعرفهم (6) .
أقول : لماذا لم يذكرهم ؟ لئلا يوجد من يعرفهم .
2ـ أخرج الحاكم بإسناده عن ابن عباس : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : " يا بني عبد المطلب ، إنّي سألت الله لكم ثلاثاً ، أن يثبّت قائمكم ، وأن يهدي ضالّكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، وسألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء ، فلو أنّ رجلاً صفن بين الركن والمقام فصلّى وصام ، ثمّ لقى الله وهو مبغض لأهل بيت محمّد دخل النار " ، هذا حديث حسن صحيح على شرط مسلم (7) .
ورواه الطبري في ذخائر العقبى ، وابن أبي عاصم في كتاب السنّة ، والطبراني في المعجم الكبير ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال وغيرهم .
3ـ قال (صلى الله عليه وآله) : " من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكراً ونكيراً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة " (8) .
قال الفخر الرازي : " آل محمّد (صلى الله عليه وآله) هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكُلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل ، ولاشكّ أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل " (9) .
فبعد هذا عليك أن تميّز بين المحبّ لهم والمبغض لهم ، فالمحبّ مؤمن والمبغض كافر كما مرّ في الحديث ، فعلى هذا كان عدّ النواصب كفّاراً ، وإن صلّوا وصاموا كما مرّ في الحديث الأوّل ، ولو راجعت معاجم اللغة تجد تعريفهم بأنّهم قوم يبغضون الإمام علي (عليه السلام) .
قال الفيروز آبادي الشافعي : " والنواصب والناصبية وأهل النصب : المتدينون ببغضة علي ، لأنّهم نصبوا له ، أي عادوه " .
إذاً ، فالميزان هو بغض الإمام في علامة النصب ، فأينما مبغض فهو ناصبي ، وهو كافر بنصّ ما سبق في الحديث : " ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً " ، مضافاً إلى ما ورد من أحاديث نبوية في علي خاصّة ، نحو قولـه (صلى الله عليه وآله) : " من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني " (10) .
ونحو قولـه (صلى الله عليه وآله) : " لا يحبّ علياً إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق " (11) ، إلى غير ذلك ممّا يطول بيانه .


____________
1- الكافي 8 / 285 .
2- الأنوار النعمانية 2 / 307 .
3- نور البراهين 1 / 57 .
4- مقدّمة فتح الباري : 9 .
5- مجمع الزوائد 9 / 172 .
6- المستدرك 3 / 148 .
7- الكشف والبيان 8 / 214 ، الجامع لأحكام القرآن 16 / 23 ، تفسير الثعالبي 5 / 157 ، التفسير الكبير 9 / 595 ، أحكام القرآن لابن العربي 2 / 219 .
8- التفسير الكبير 9 / 595 .
9- القاموس المحيط 1 / 123 .
10- ذخائر العقبى : 65 ، المستدرك 3 / 130 ، مجمع الزوائد 9 / 132 ، المعجم الكبير 23 / 380 ، الجامع الصغير 2 / 554 ، كنز العمّال 11 / 601 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 270 ، الصواعق المحرقة 2 / 360 ، الجوهرة : 66 ، الوافي بالوفيات 21 / 179 ، جواهر المطالب 1 / 63 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 293 .
11- المعجم الكبير 23 / 375 ، كنز العمّال 11 / 622 ، تهذيب الكمال 15 / 233 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 295 ، ينابيع المودّة 2 / 85 و 274 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page