طباعة

( أحمد ـ الإمارات ـ 19 سنة ـ طالب حوزة ) معنى اللعن الوارد فيه

السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع : الخميني يبيح وطء الزوجة في الدبر : يقول الخميني في تحرير الوسيلة : المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة !
ولا نملك إلاّ ذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " ملعون من أتى امرأة في دبرها " ، أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً .
الجواب : وطي الزوجة من دبر مسألة فقهية ، ولابأس أن ننقل هنا كلام السيّد المرتضى (قدس سره) في كتابه " الانتصار " حول الموضوع إذ يقول : " وممّا شنّع به على الإمامية ونسبت إلى التفرّد به ، وقد وافق فيه غيرها القول بإباحة وطء النساء في غير فروجهن المعتادة للوطء ، وأكثر الفقهاء يحظرون ذلك .
وحكى الطحاوي في كتاب الاختلاف عن مالك أنّه قال : ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّ وطء المرأة في دبرها حلال ، ثمّ قرأ : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } الآية ، وقال الطحاوي في كتابه هذا : حكى لنا محمّد بن عبد الله بن الحكم أنّه سمع الشافعي يقول : ما صحّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في تحريمه ولا تحليله شيء ، والقياس أنّه حلال .
والحجّة في إباحة ذلك إجماع الطائفة ، وأيضاً قولـه تعالى : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ، ومعنى أنّى شئتم كيف شئتم ، وفي أيّ موضع شئتم وآثرتم ، ولا يجوز حمل لفظة { أَنَّى } هاهنا على الوقت ، لأنّ لفظة { أَنَّى } تختصّ بالأماكن ، وقلّما تستعمل في الأوقات ، واللفظة المختصّة بالوقت أيّان شئتم ، ولا فرق بين قولهم : ألق زيداً أنّى كان ، وأين كان في عموم الأماكن ، على أنّا لو سلّمنا أنّ الوقت مراد بهذه اللفظة حملناها على الأمرين معاً من الأوقات والأماكن .
فأمّا من أدّعى أنّ المراد بذلك إباحة وطء المرأة من جهة دبرها في قُبلها بخلاف ما تكرهه اليهود من ذلك ، فهو تخصيص لظاهر القرآن بغير دليل ، والظاهر متناول لما قالوه ولما قلناه " (1) .
أمّا حديث : " ملعون من أتى امرأته في دبرها " (2) ، لو سلّمنا بصحّة الحديث ، فاللعن لا يعني الحرمة ، وإنّما يدور أمره بين الحرمة والكراهة ، كما هو المعلوم عند المحقّقين من الأُصوليين ، فلا وجه للاستشهاد به ، فإذا استفاد الفقيه من اللعن الكراهة ، فهي تعني الجواز كما لا يخفى ، ومن هنا تجد بعض الفقهاء يفتون في المسألة ـ ومنهم السيّد الخميني في تحرير الوسيلة ـ بجواز وطء الزوجة في دبرها على كراهية شديدة .
فلاحظ ذلك وتأمّله فهل تجده مخالفاً لأدلّة الشرع ؟ وقد جاء يستدلّ بها من لا يعرف هذه الصناعة ، بل من لا يدرك أي طرفيه أطول ليصول به ، وتلك محنة أهل العلم مع أهل الجهل في كُلّ زمان ومكان .

____________
1- الانتصار : 294 .
2- مسند أحمد 2 / 444 و 479 ، سنن أبي داود 1 / 479 .