السؤال : السؤال هو عن وطي الزوجة من الدبر ، أتمنّى أن تذكروا نصّ البخاري مع المصدر ؟ لأنّ كتاب البخاري يوجد له نسخ كثيرة ، فالأفضل ذكر نصّ الحديث والباب ، وكذلك في المصادر الأُخرى ، ودمتم موفقين .
الجواب : ننقل لك نصّ ما ورد في البخاري في نكاح الدبر : " عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلّم حتّى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوماً ، فقرأ سورة البقرة حتّى انتهى إلى مكان قال : تدري فيما أُنزلت ؟ قلت : لا ، قال : أُنزلت في كذا وكذا ، ثمّ مضى .
وعن عبد الصمد حدّثني أبي حدّثني أيوب عن نافع عن ابن عمر { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قال : يأتيها في ... .
رواه محمّد بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر " (1) .
قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث : " أُختلِف في معنى أنّى ، فقيل : كيف ، وقيل : حيث ، وقيل : متى ، وبحسب هذا الاختلاف جاء الاختلاف في تأويل الآية " (2) .
ثمّ علّق ابن حجر على الحديث " أُنزلت في كذا وكذا " : هكذا أورد مبهماً لمكان الآية والتفسير (3) .
ثمّ قال ابن حجر : " قولـه يأتيها في ... ، هكذا وقع في جميع النسخ ، لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور ، ووقع في الجمع بين الصحيحين للحميدي يأتيها في الفرج ، وهو من عنده بحسب ما فهمه ، ثمّ وقفت على سلفه فيه ، وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصنعاني زاد البرقاني يعني الفرج ، وليس مطابقاً لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره .
وقد قال أبو بكر بن العربي في سراج المريدين : أورد البخاري هذا الحديث في التفسير ، فقال : يأتيها في وترك بياضاً ، والمسألة مشهورة ،صنّف فيها محمّد بن سحنون جزءً ، وصنّف فيها محمّد بن شعبان كتاباً ، وبيّن أنّ حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها " (4) .
ثمّ قال ابن حجر : " فأمّا الرواية الأُولى ـ وهي رواية بن عون ـ فقد أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده ، وفي تفسيره بالإسناد المذكور ، وقال بدل قولـه حتّى انتهى إلى مكان ، حتّى انتهى إلى قولـه : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ، فقال : أتدرون فيما أُنزلت هذه الآية ؟ قلت : لا ، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن ، وهكذا أورده بن جرير من طريق إسماعيل ابن علية عن بن عون ، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن بن عون نحوه ، وأخرجه أبو عبيدة في فضائل القرآن عن معاذ بن عون فأبهمه ، فقال في كذا وكذا .
وأمّا رواية عبد الصمد فأخرجها ابن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدّثني أبي فذكره بلفظ يأتيها في الدبر ، وهو يؤيّد قول ابن العربي ، ويرد قول الحميدي ، وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمّى الاكتفاء ، ولابدّ له من نكته يحسن بسببها استعماله .
وأمّا رواية محمّد بن يحيى بن سعيد القطان فوصلها الطبراني في الأوسط من طريق أبي بكر الأعين ، عن محمّد بن يحيى المذكور بالسند المذكور إلى ابن عمر قال : إنّما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) نساؤكم حرث لكم رخصة في إتيان الدبر " (5) .
ثمّ قال ابن حجر : " وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري فقال : جميع ما أخرج عن بن عمر مبهم لا فائدة فيه " (6) .
نرجو الإطلاع على جميع البحث هناك ، ففيه المزيد من الروايات والطرق وتصحيحها .
ونقول : هذه ليست المرّة الأُولى التي يقوم البخاري بتقطيع الأحاديث وإبهامها بكذا وكذا ، بل هذا ديدنه ومنهجه في نقل أحاديث تدعم مذهب أهل البيت عموماً ـ سواء في الفقه أو العقائد ـ والحمد لله الذي أظهر هذا الموضع على أيدي علماء ثقات عندهم لا من غيرهم .
وقال ابن حجر عن التحريم : " وذهب جماعة من أئمّة الحديث ـ كالبخاري والذهبي والبزّار والنسائي وأبي علي النيسابوري ـ إلى أنّه لا يثبت فيه شيء " (7) .
فهؤلاء كُلّهم وآخرون معهم حتّى يصل الدور إلى مالك والشافعي يقولون بالجواز ، وهم ليسوا من الشيعة ، فثبت قولنا بأنّ المسألة فرعية فقهية خلافية عندنا وعندهم ، ولكن ماذا نفعل لمن عماه نصبه عن الحقيقة .
____________
1- صحيح البخاري 5 / 160 .
2- فتح الباري 8 / 140 .
3- نفس المصدر السابق .
4- فتح الباري 8 / 141 .
5- نفس المصدر السابق .
6- نفس المصدر السابق .
7- فتح الباري 8 / 142 .
( أبو علي . ... . 20 سنة ) في صحيح البخاري وفتح الباري
- الزيارات: 401