• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( محمّد ـ كندا ـ 33 سنة ) حلّية التدخين

السؤال : بعد الاستبصار ـ ولله الحمد ـ بدأت أقرأ وابحث كثيراً ، وما أذهلني ظهور بعض المعمّمين المشايخ في التلفاز ، وهم يدخّنون ، وقرأت أنّ شرب الدخّان ليس بحرام عندنا ، لكن بدأ أهل السنّة يعيبون علينا ذلك ، وأُصدّقكم القول أنّ بحكم ماضي مع العامّة ، كنت دائماً مع تحريم الدخّان ، خصوصاً لكراهة رائحته ، وكذلك ضرره البيّن بالنفس ، التي أمر الشارع بحفظها ، وكذلك ضرره بالمال ، الذي أُمرنا بعدم تبذيره .
أفيدونا ، فقد علّمتمونا وعوّدتمونا اشفاء الغليل في أجوبة سماحتكم ، فكثيراً من العامّة والخاصّة يدمنون على شربه ، ولا يمكن القول أنّ شربه لا يمكن تركه ، إذا تبيّن الضرر ، سامحوني فقد أحسست بعدم اطمئنان لحلّيته إلاّ يدخل في الخبائث ، كما يقول العامّة ، وأنا أميل إليهم ، واستغفر الله في قولهم ، حين يجعلونه مشمولاً بحكم الآية الكريمة في حلّية الطيّبات ، وحرمة الخبائث ، أفلا يكون خبثاً شرب الدخّان ؟ سامحوني على وقاحتي بحضرتكم ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب : يعتبر التدخين من مستحدثات المسائل ، فهو من المسائل غير المنصوصة الحكم ، إذ لم يكن له وجود زمن النصّ .
فإذا أراد الفقيه أنّ يعرف حكمه ، فيقول : إنّ التدخين نحتمل حرمته شرعاً ، ولا نحتمل وجوبه ، فنتّجه أوّلاً إلى محاولة الحصول على دليل يعيّن حكمه الشرعي ، فلا نجد دليلاً من هذا القبيل ، فيبقى حكم التدخين مجهولاً ، وحرمته مشكوكة لدينا ، لا ندري أهو حرام أو مباح ؟
وحينئذ نتساءل ما هو الموقف العملي ، الذي يتحتّم علينا أن نسلكه تجاه ذلك الحكم المجهول ؟ هل يجب الاحتياط ، فلا ندخّن أو نحن في سعةٍ من ذلك ، مادمنا لا نعلم الحرمة ؟ ولبيان الموقف العملي نذكر نقاط :
1ـ إنّ الأصل الأوّلي وهو حلّية أكل شيء أو شربه ما لم يصلنا النهي عنه من الشارع ، إذ لو علمنا عدم النهي عنه أصلاً ، فلأنّ العقل يحكم بذلك سيّما وأنّ طريقة الشارع هي بيان وذكر المحرّمات لا المباحات ، قال تعالى فيما علّم نبيّه الردّ على الكفّار : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (1) ، وهناك روايات في ذلك .
أمّا لو لم نعلم النهي ، أو لم يصل إلينا ، أو وصل إلينا مجملاً فشككنا في حكمه ، فالأصل في ذلك هو البراءة لما حقّق في الأُصول مستدلّين بالآيات والروايات ، كقوله تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } (2) ، وقوله تعالى : { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا } (3) ، إذاً فكُلّ ما لم يثبت حرمته فهو حلال .
2ـ ربما يقال : أنّ هذا مفاد الأصل الأوّلي ، ولكن هناك أصل ثانوي في المأكولات والمشروبات ، وهو حرمة ما يتنفّر منه الطبع ، واستدلّ عليه بالآية : { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ } (4) ، وذلك بأنّ الطيّب ما يستطيب الناس ، والخبائث ما يستخبثه الناس على حسب عادتهم ، فيدخلون التدخين في الخبائث .
ولكن يبقى أنّ الطيّب له عدّة معاني مأخوذة من آيات الذكر الحكيم ، كالحلال والجيّد والطاهر ، وما لا أذى فيه ، وما فيه الخير والبركة ، وما تستطيبه النفس ولا تنفر منه ، وغير ذلك ، والاستدلال بهذه الآية مبنيّ على المعنى الأخير ، وهو ما تستطيبه النفس ولا تنفر منه ، حتّى يكون الخبيث عكسه ، وهو ما يتجنّبه الناس ، وهو غير ظاهر من الآية ، إذ تبقى المعاني الأُخرى محتملة .
ولو سلّم إرادة هذا المعنى ، ولكن يبقى تحديد المعنى المراد من الخبائث غير منضبط عرفاً ، فهل يراد عرف الناس ، أو عرف المكلّف ، أو عرف قوم معينين ؟
ومن الواضح سعة اختلاف العرف بينهم ، فربَّ شيء يتجنّبه أهل بلد ما ، ترى آخرين يأكلونه ، بل يختلف الأمر من شخص إلى شخص ، والتجربة أمامك ، بل يتوجّه النقض عليه بكثير من الأدوية ، التي يتنفّر عن أكلها أو شربها الأغلب ، ومع ذلك لا يحكم أحد بخبثها ، وعلى كُلّ فلا ضابط في تعيّن ذلك ، حتّى يستفاد منه الأصل الثانوي .
3ـ وربما يستدلّ على الحرمة من جهة توجّه الضرر على البدن من التدخين ، ولكن المتيقّن هو حرمة الأضرار بالبدن ، إذا كان يؤدّي إلى التهلكة ، أو إلى الأضرار الكبير بالبدن ـ كتلف أحد الأعضاء مثلاً ـ أمّا ما دون ذلك ، فلم يثبت حرمته لا عقلاً ولا شرعاً.
فإنّ العقل لا يأبى من تحمّل الضرر القليل من أجل هدف معيّن ، وأنّ أدلّة الشرع لو سلّم أنّها تنفي الضرر لا تشمل مثل الضرر الجزئي لغرض عقلائي ، لأنّه مخالف للامتنان الذي هو مصبّ أدلّة النهي عن الضرر ، على أنّ مثل هذا الضرر لا يعدّ ضرراً عند العرف ، والعرف أمامك .
وما يظهر من بعض الأخبار من أنّ علّة تحريم أكل بعض الأشياء هو الضرر ، لا يعدو أن يكون حكمة ، وإلاّ لزم تحليل تلك الأشياء إذا قطع بارتفاع الضرر ، كالذبح من دون استقبال القبلة مثلاً ، وبعض الأخبار الأُخرى ضعيفة السند .
إضافة إلى الإجماع على جواز بعض الأشياء ، مع أنّ فيها مضرّة ـ كدخول الحمّام مع الجوع ، وكثرة الجماع ، والعمل تحت الشمس الحارّة وغيرها ـ .


___________
1- الأنعام : 145 .
2- الإسراء : 15 .
3- الطلاق : 7 .
4- الأعراف : 157 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page