• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الان حصحص الحق

الان حقّ علينا أن نُميط الستر عن خبيئة أسرارنا، ونُعرب عن غايتنا المتوخّاة من هذا البحث الضافي حول الكتب.
الان آن لنا أن ننوّه بأنّ ضالّتنا المنشودة هي إيقاظ شعور الاُمّة الاسلامية إلى جانب مهمّ فيه الصالح العام والوئام والسّلام والوحدة الاجتماعيّة، وحفظ ثغور الاسلام عن تهجّم سيل الفساد الجارف.
(يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيري بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ)(1) .
أُنشدكم بالله أيّها المسلمون، هل دعايةٌ أقوى من هذه الكتب إلى تفريق صفوف المسلمين، وتمزيق شملهم، وفساد نظام المجتمع، وذهاب ريح الوحدة العربيّة، وفصم عرى الاُخوّة الاسلاميّة، وإثارة الاحقاد الخامدة، وحشّ نيران الضغائن في نفوس الشعب الاسلامي، ونفخ جمرة البغضاء والعداء المحتدم بين فرق المسلمين؟!
(يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ)(2) : هذه الكتب يُضادّ صراخها نداء القرآن البليغ، هذه النعرات المشمرجة(3) تُشيع الفحشاء والمنكر في الملا الديني، هذه الكلم الطائشة معاول هدّامة لاُسّ مكارم الاخلاق التي بُعث لتتميمها نبيّ الاسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذه الالسنة السّلاقة اللسّابة البذّاءة مدرسات الاُمّة بفاحش القول وسوء الادب وقبح العشرة وضدّ المداراة وبالشراسة والقحّة والشياص، هذه التعاليم الفاسدة فيها دَحْسٌ لنظام المجتمع ودحلٌ بين الفرق الاسلاميّة، وهتكٌ لناموس الشرع المقدّس وعبثٌ بسياسة البلاد وصدعٌ لتوحيد العباد، هذه الاقلام المسمومة تمنع الاُمّة عن سعادتها ورقيّها وتولد العراقيل في مسيرها ومسربها وتمحو ما خطته يد الاصلاح في صحائف القلوب وتحيي في النفوس ما عقمته داعية الدين.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ)(4) : إنّ الاراء الدينيّة الاسلامية إجتماعية يشترك فيها كلّ معتنق بالاسلام، إذ لا تمثّل في الملا إلاّباسم الدين الاجتماعي، فيهمُّ كلّ إسلاميّ يحمل بين جنبيه عاطفةً دينيّةً أن يدافع عن شرف نحلته، وكيان ملّته، مهما وجد هناك زلّةً في رأي، أو خطأً في فكرة، ولا يسعه أن يفرّق بين باءة وأُخرى، أو يخصّ نفسه بحكومة دون غيرها (إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ)(5) ، بل الارض كلّها بيئة المسلم الصّادق والاسلام حكومته، وهو يعيش تحت راية الحق، وتوحيد الكلمة ضالّته، وصدق الاخاء شعاره أينما كان وحيثما كان.
هذا شأن الافراد وكيف بالحكومات العزيزة الاسلاميّة؟ التي هي شعب تلك الحكومة العالميّة الكبرى، ومفردات ذلك الجمع الصحيح، ومقطّعات حروف تلك الكلمة الواحدة، كلمة الصدق والعدل، كلمة الاخلاص والتوحيد، كلمة العزّ والشرف، كلمة الرُقي والتقدّم.
فأنّى يسوغ لحكومة مصر العزيزة أن تُرخّص لنشر هذه الكتب في بلادها؟ وتُشوّه سمعتها في أرجاء الدنيا؟ وهي ثغر الاسلام المستحكم من أوّل يومه، وهي مدرسة الشرق المؤسّسة تحت راية الحقّ بيد رجال العلم والدين.
أليس عاراً على مصر بعدما مضت عليها قرون متطاولة بحسن السمعة أن تُعرّف في العالم بأُناس دجّالين، وكتّاب مستأجرين، وأقلام مسمومة، وأن يقال: إنّ فقيهها موسى جار الله، وعالمها القصيمي، ومصلحها أحمد أمين، وعضو مؤتمرها محمّد رشيد رضا، ودكتورها طه حسن، ومؤرّخها الخضري، وأُستاذ علوم إجتماعها محمّد ثابت، وشاعرها عبد الظاهر أبو السَّمح.
أليس عاراً على مصر أن يتملّج ويتلمّظ بشرفها الدُّخلاء من ابن نجد ودمشق فيؤلّف أحدهم كتاباً في الردّ على الاماميّة ويسمّيه «الصراع بين الاسلام والوثنية» ويأتي آخر يُقرِّظه بشعره لا بشعوره ويعرّف الشيعة الاماميّة بقوله:
ويحمل قلبهم بغضاً شنيعاً     لخير الخلق ليس له دفاعُ
يقولون: الامين حبا بوحي     وخان وما لهم عن ذا ارتداعُ
فهل في الارض كفرٌ بعد هذا؟     ولمن يهوى متاعُ
فما للقوم دينٌ أو حياءٌ     بحسبهم من الخزي «الصراع»
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ)(6) ، أيحسب
امرئٌ مصريٌّ انّ إشاعة هذه الكتب، وبثّ هذه المخاريق والنسب المفتعلة، ونشر هذه التآليف التافهة حياةٌ للاُمّة المصريّة، وايقاظٌ لشعور شعبها المثقّف، وإبقاءٌ لكيان تلك الحكومة العربيّة العزيزة، وتقدّم ورقيٌّ في حركاتها العلمية، الادبيّة، الاخلاقيّة، الدينيّة، الاجتماعيّة؟
أسفاً على أقلام مصر النزيهة، وأعلامها المحنّكين، ومؤلّفيها المصلحين، وكُتّابها الصادقين، وعباقرتها البارعين، وأساتذتها المثقّفين، ورجالها الاُمناء على ودايع العلم والدين.
أسفاً على مصر وعلمها المتدفّق، وأدبها الجمّ، وروحها الصحيحة، ورأيها الناضج، وعقلها السليم، وحياتها الدينيّة، وإسلامها القديم، وولائها الخالص، وتعاليمها القيّمة، ودروسها العالية، وخلايقها الكريمة، وملكاتها الفاضلة.
أسفاً على مصر وعلى تلكم الفضائل وهي راحت ضحيّة تلك الكتب المزخرفة، ضحيّة تلك الاقلام المستأجرة، ضحيّة تلك النزعات الفاسدة، ضحيّة تلك الصحائف السوداء، ضحيّة تلك النعرات الحمقاء، ضحيّة تلك المطابع المأسوف عليها، ضحيّة أفكار أُولئك المحدَثين المتسرّعين (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَدِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ)(7) ، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الاَْرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ)(8) .
أليست هذه الكتب بين يدي أعلام مصر ومشايخها المثقّفين؟ أم لم يوجد هناك مَن يحمل عاطفةً ينيّة، وشعوراً حيّاً، وفكرةً صالحة يُدافع عن ناموس مصره المحبوبة قبل ناموس الشرق كلّها؟
والعجب كلُّ العجب انّ علاّمة مصر(9) يُري للمجتمع انّه الناقد البصير فيقرّظ كتاباً(10) قيّماً لعربيٍّ صميم عراقيّ يُعدّ من أعلام العصر ومن عظماء العالم ويُناقش دون ما في طيّه من الاغلاط المطبعيّة ممّا لا يترتّب به على الاُمّة ولا على فرد منها أيّ ضرر وخسارة بمثل قوله: كلّما، صوابه: كلّ ما. شرع، صوابه: شرح. شيخنا، صوابه: شيخا.
مرحباً بهذا الحرص والاستكناه في الاصلاح والتغاضي عن تلكم الكوارث، مرحباً بكلاءة ناموس لغة العرب والصفح عن دينه وصالح ملّته، مرحباً بهذه العاطفة المصلحة لتآليف مشايخ
الشيعة، والتحامل عليهم بذلك السباب المقذع، مرحباً مرحباً مرحباً.
لمَ لم يرق أمثال هذا النابه النقيد أن يأخذ بميزان القسط، وقانون العدل، وناموس النصفة، وشرعة الحقّ، وواجب الخدمة للمجتمع، ويُلفت مؤلّف مصره العزيزة إلى تلكم الهفوات المخزية في تلكم التآليف التي هي سلسلة بلاء، وحلقات شقاء تنتهي إلى هلاك الاُمّة ودمارها، وتجرُّ عليها كلّ سوءة، وتُسفّها إلى حضيض التّعاسة؟...
فواجب المسلم الصّادق في دعواه الحافظ على شرفه وعزّ نحلته، رفض أمثال هذه الكتب المبهرجة، ولفظها بلسان الحقيقة، والكفّ عن اقتنائها وقرائتها، والتجنّب عن الاعتقاد والتصديق بما فيها، والبعد عن الاخذ والبخوع بما بين دفوفه، والاخبات إلى ما فيها قبل أن يعرضها إلى نظّارة النقيب، وصيارفة النقد والاصلاح، أو النظر إليها بعين التنقيب وإردافها بالردّ والمناقشة فيها إن كان من أهلها، (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)(11) .
وواجب رجال الدعاية والنشر في الحكومات الاسلاميّة عرض كلّ تأليف مذهبيٍّ، حول أيّ فرقة من فرق الاسلام إلى أُصولها ومبادئها الصحيحة المؤلّفة بيد رجالها ومشايخها، والمنع عمّا يُضادُّها ويُخالفها، إذ هم عيون الاُمّة على ودايع العلم والدين، وحفظة ناموس الاسلام، وحرسة عُرى العروبة، إن عقلوا صالحهم، وعليهم قطع جذوم الفساد قبل أن يُؤجَّج المفسد نار الشحناء في الملا ثمّ يعتذر بعدم الاطّلاع وقلّة المصادر عنده كما فعل أحمد أمين بعد نشر كتابه فجر الاسلام في ملا من قومه، و (الاِْنْسَانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعَاذِيرَهُ)(12) ولا عذر لايّ أحد في القعود عن واجبه الدينيّ الاجتماعي، (وَلْتَكُنْ مُنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(13) .
ونحن نرحّب بكتاب كلّ مذهب وتأليف كلّ ملّة أُلّف بيد الصّدق والامانة، بيد الثقة والرزانة، بيد التحقيق والتنقيب، بيد العدل والانصاف، بيد الحبّ والاخاء، بيد أدب العلم والدين، (لِيَهْلكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَة وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة)(14) ، (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ)     سورة البقرة: 232.

____________
(1) يونس: 71.
(2) غافر: 38.
(3) الشمراج: المخلط من الكلام بالكذب، والشمرج: الباطل «المؤلف».
(4) يونس: 57.
(5) النجم: 23.
(6) الحديد: 16.
(7) الفجر: 11-12.
(8) البقرة: 11-12.
(9) الاُستاذ أحمد زكي «المؤلف».
(10) أصل الشيعة وأُصولها، لشيخنا العلاّمة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء «المؤلف».
(11) النساء: 66.
(12) القيامة: 14-15.
(13) آل عمران: 104.
(14) الانفال: 42.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page