طباعة

عدوانُ أصحاب السبت

عدوانُ أصحاب السبت

أقرَّ الله لبني إسرائيل، على أن يكون السبتُ يوماً ينقطعون فيه للصلاة، ويعتكفون للعبادة!.. واستمروا على هذا الحال، ردحاً من الزمن، طويلاً.
وكان نبيُّ الله داودُ يحُضًّهم على ماهم عليه من تقديس يوم السّبت،.. ويحثُّهم على الانقطاع فيه لعبادة الله، وأعمال البرِّ، والتقرُّب إليه تعالى بالدُّعاء والصلاة. فلا تجارة في هذا اليوم، ولاصيد، ولا صناعة.
وكان في "أيلة" - القرية الواقعة على شاطئ البحر الأحمر- جماعةٌ من بني إسرائيل، يعبدون الله تعالى، ويُسبتون (أي: ينقطعون لله في يوم السبت)، كبقيّة بني إسرائيل. وكان البحرُ مورد رزقهم الوحيد، فهم يعيشون على صيده..
وشاء الله امتحانَهُم: فكانت {تأتيهم حيتانُهم يوم سبتهِمُ شرَّعاً، ويوم لايُسبتونَ لاتأتيهم!}. وكانوا يرون ذلك، فيتنغصون..
الأسماكُ السِّمانُ، الكِبار، في مُتَناول أيديهم في كل سبتٍ، وفي ماعداه من أيام الأسبوع، فلا صيدَ، ولا أسماك!..
وحدثتهم أنفسُهم بالصَّيد، يوم السبت، وخرق العادة التي انتهجوها سنين طوالاً. واحتالوا على الأسماك، فاصطادوها في يوم سبتهم، الحرامِ!..
فذُعرَ من ذلك مؤمنو بني إسرائيل، وصُلحاؤهم الأبرار. ووجدوا في ماأقدم عليه قومهم، مروقاً (أي:خروجاً) من الدِّين، ومجاهرةً بالفسق والعصيان. فوعظوهم، وزجروهم، فلم يُغْنِ وعظٌ، ولم يُجدِ ازدِجارٌ!.. وأصرُّوا على الصَّيد في اليومٍ الحرام!..
ونهاهم نبي الله داودُ، وخوَّفهم عذابَ الله، وأليمَ عِقابِه، فلم يَرعووا..
واعتزلهم مؤمنو بني إسرائيل، فليس الكافرُ، المبارزُ الله بالمعصية، للمؤمن جاراً!.. وأقاموا بينهم وبين هؤلاء الفسقةِ جداراً: فهذا حيُّ المؤمنين الأطهار، وتلك ديار الكافرين الأشرار. وازداد الفسقة على ماهم عليه إصراراً، واستكباراً!..
ورفع نبي الله (ع) يديه الكريمتين إلى السماء داعياً عليهم بعذاب الله. فزلزل الله الأرض بالكافرين، فدُمِّروا تدميراً.
وقال لمن تبقى منهم على وجه الأرض، حياً: {كونوا قِردةً خاسئين!}.. فكانوا مسوخاص ولاأحقر!..
ومُسخ من كان في البحر، فكانوا "سمك الجري" الأملس، الذي لازعانف له ولاحراشف،.. بل جلدٌ أملسُ ناعمٌ، كجلد الحية الملساء!..
وهكذا حقَّت كلمة العذاب على القوم الكافرين!..