وأما قولها بأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحبها لأن جبرئيل أتاه بصورتها قبل الزواج، وأنه لا يدخل عليه إلا في بيتها (1)، فهذه روايات تضحك المجانين، ولست أدري أكانت الصورة التي جاء بها جبرئيل فوتوغرافية، أم لوحة زيتية، على أن الصحاح المعتمدة تروي بأن أبا بكر بعث بعائشة إلى النبي صلى الله عليه وآله ومعها طبق من التمر لينظر إليها، وهو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وآله أن يتزوج ابنته، فهل هناك داع لينزل جبرئيل بصورتها وهي تسكن على بعد بضعة أمتار من مسكن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأعتقد أن مارية القبطية التي كانت تسكن مصر وهي بعيدة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وما كان أحد يتصور مجيئها، هي أولى بأن ينزل جبرئيل بصورتها ويبشرها رسول الله صلى الله عليه وآله بأن الله سيرزقه منها إبراهيم.
ولكن هذه الروايات هي من وضع عائشة التي كانت لا تجد شيئا تفتخر به على ضراتها إلا الأساطير التي يخلقها خيالها، أو أنها من وضع بني أمية على لسانها ليرفعوا من شأنها عند بسطاء العقول.
وأما قولها بأن الوحي أتاه صلى الله عليه وآله وهي وإياه في لحاف واحد، ورأت جبرئيل ولم يره من نسائه أحد غيرها، فهو قول أقبح من الأول، والمعلوم من القرآن الكريم أن الله هددها عندما تظاهرت على رسوله، هددها بجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا.
فما أقوال شيوخنا وعلمائنا إلا ضرب من الظن والخيال وإن الظن لا يغني من الحق شيئا: (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون).
__________
(1) أخرجه ابن أبي شيبة وهو الحديث رقم 1017 من كنز العمال: ج 7.
رد دعوى أم المؤمنين عائشة بأن الملك نزل بصورتها
- الزيارات: 405